تونس :كلفة فترة المراجعة لتلميذ الباكالوريا بين'' المليون و3 ال ملاين''    الإصلاح التربوي ..نحو تجديد التّاريخ المدرسي    تقدر ب142 مليون دينار: أستاذ قانون بنكي يكشف مآل الخطايا المالية المسلطة على البنوك..    قيس سعيد : '' المسؤولية الوطنية تقتضي إرساء العدل بتشريعات جديدة تنصف المظلوم''    عاجل/ رئيس الدولة يطالب باعفاء هؤولاء المسؤولين..    الأقسام... صناديق حديد جاهزة ...معاناة الصيف في مدرسة الفتح بفوسانة    بمدرسة حي المطار بتوزر ...المربية حنان بدرالدين تودّع تلاميذها كالنجوم    بوادر صابة القمح الصلب واللين محور لقاء رئيس الدولة بوزير الفلاحة و كاتب الدولة    عاجل/ بقوة 7 درجات: راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال أيام..    بسبب مشاركة إسرائيلي.. عراقي ينسحب من نهائيات بطولة سباحة    تصفيات مونديال 2026 : المنتخب التونسي من اجل الفوز الثالث على التوالي والمحافظة على الصدارة    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    ديوكوفيتش غير متأكد من استمراره في فرنسا المفتوحة بعد إصابته في ركبته    هام/ المجمع المهني المشترك للتمور ينتدب..    طقس الثلاثاء: أمطار بعد الظهر في هذه المناطق والحرارة بين 24 و40 درجة    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    استراليا: اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور    اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا    عاجل/ اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور في هذه الدولة..    منها مخزون المياه بالسدود: هذه محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة    قرارات وزارة الشباب والرياضة إثر معاينة الأضرار بملعب رادس    حرائق شمال الكيان الصهيوني.. التهمت 4000 دونم وإصابة 11 شخصا    الكيان الصهيوني يواصل مجازره.. استشهاد 6 في غزة و5 في الضفة الغربية    صواريخ حزب الله تحرق "كريات شمونة"    رسميا.. جوائز "الأفضل" في دوري أبطال أوروبا    الثّلاثاء: كيف ستكون حالة الطّقس و درجات الحرارة؟    الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية بالمهدية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    بتعلّة أنه يسبّ الجلالة ...إرهابي يذبح شابا في جبل الأحمر بالعاصمة    جبنيانة.. ثراء فاحش لشبكة مختصة في الاتجار بالأشخاص    القصرين..اختبار الباكالوريا.. أكثر من 5 آلاف مترشّح و16 حالة تتمتع بإجراءات استثنائية    المغرب/ إحباط محاولة تهريب أكثر من 18 طنا من المخدرات    صفاقس.. قلع 168 كلم خطيّا من التين الشوكي المصاب بالحشرة القرمزية    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع سعر البصل ب137 %    عاجل : التن المعلب الموجود في الاسواق هو تن مجمد مورد يتم تحويله في تونس    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    كهل يُقدم على الانتحار داخل منزل مهجور بهذه الجهة    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    حادث اصطدام بين تاكسي جماعي وسيارة بسوسة..وهذه حصيلة الجرحى..    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    وزير الشؤون الخارجية يشارك بسيول، في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة الأولى الكورية-الإفريقية    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    التواتي: تحديد سعر لحم الضأن ب43 دينارا للكلغ    مباراة تونس و غينيا الاستوائية : أسعار التذاكر ... متى و أين ؟    أحرز اللقب على حساب دورتموند .. الريال «ملك» رابطة الأبطال    الهند: 25 ألف ضربة شمس ووفاة العشرات بسبب موجة حر    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم.. إنها الفرصة الأخيرة!
الأسبوع السياسي
نشر في الصباح يوم 26 - 08 - 2013

جلباب الترويكا حرم الحكومة من النقد والمحاسبة الجدية
تبقى مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مبادرة الفرصة الأخيرة للخروج من مأزق الأزمة السياسية، التي لم تترك مجالا واسعا للمناورة لمختلف الفرقاء، وبات واضحا أن الحل لا تفرضه أحزاب بعينها أو التجمهرات في الشارع
، فمن الصعب تصوّر مصير بلد يحسم في ظل حوار الطرشان أو غوغاء الشارع مهما كانت التعلات والحجج، لأن الفوضى قادرة على الاستشراء أو "الاستيطان"
لكن في الوقت الذي نتابع فحوى المشاورات -رغم ندرة المعطيات أحيانا وافتقارها للدقة والشفافية أحيانا أخرى - تبقى الهواجس مهيمنة على العقول، بما يعكس الكثير من الخشية من تدهور الأوضاع والتخوّف من نقل بعض السيناريوهات الكارثية، التي يفترض منطقيا أن لا مكان لها في تونس، بقطع النظر عن جذور الأزمة وأسبابها ودور مختلف الأطراف فيها
ولكن لا بدّ من حوصلة ما يحدث، فالمواطن العاديّ أمام حقيقتين، أولهما أن هناك أزمة سياسية تفرعت عنها أزمات أخرى، وأهمّها أزمة الثقة التي تسود علاقات مختلف الأطراف، وحتى إن خفتت حدّتها فإلى حين، وبالتالي لا يمكن الاستهانة بخطورة الأزمة الحالية، وثانيا أن هناك حمى انتخابية تعتمل في جسد كل الأحزاب، حاكمة كانت أو معارضة، كبيرة أو صغيرة، وهو ما يعني أننا أمام مشهد مُرَكَّب يتطلب تفكيك مختلف عناصره من أجل الأزمة الكبرى
ولا بدّ من التوقف عند جملة من النقاط التي يتعين الخوض فيها من منطلق تحليلي وليس سياسيا، لأن مسألة الحكومة تحظى بجانب كبير من الأهمية، فهي التي تتمسك بها الترويكا وتحديدا حركة النهضة، وهي التي أيضا تطالب أحزاب المعارضة وتحديدا جبهة الإنقاذ والأطراف الأربعة الراعية للحوار، بتعويضها بحكومة كفاءات أو مستقلة
ويبدو أن ما وصلنا إليه كان نتيجة تراكمات، أهمّها أن حكومة علي العريض وقبلها حكومة حمادي الجبالي لم تكونا محظوظتين بالمرة، لأنهما كانتا ضحيتي ما يمكن تسميته ب(dopage) في المجلس التأسيسي، فإذا أخطأت الحكومة أو كان أداؤها دون المطلوب لا تجد إلا المناصرة غير المشروطة داخل المجلس التأسيسي، الذي يفترض أن يكون عيْن الشعب على الحكومة وصوته تجاهها، بينما تواجه بانتقادات شديدة -لكنها عدديا قليلة- في المجلس من قبل المعارضة وحتى خارجه.
هذه الوضعية غير الطبيعية لأيّة حكومة جعلت حكومتي العريض والجبالي تبدوان وكأنهما فوق المحاسبة، وأحيانا فوق الشرعية نفسها، لأنه ماذا يمكن أن ننتظر من حكومة تسير بلا مرآة عاكسة، فلا تنتبه إلى أدنى الإشارات، أو علامات الغضب وعدم الرضا، ويستهويها الدفاع المستميت عنها في التأسيسي، وفي الشارع أيضا؟
كما ظلت الحكومة حبيسة فكرة "شديدة المركزية"، وهي أنها حكومة ترويكا حتى بعد تطعيمها بشخصيات مستقلة، ومثلت هذه المركزية أو جلباب الترويكا هاجسا يثقل كاهل الحكومة، "فيحرمها" من النقد والمحاسبة الجدية، ويحدّ من هامش المناورة لديها، وبالتالي أضحت سمعة الحكومة من سمعة الأحزاب، وسمعة الأحزاب من سمعة الحكومة، والحال أنها حكومة مؤقتة لفترة انتقالية يدرك الجميع ماهيتها ومقتضياتها
لقد أثر هذا الوضع على أحزاب الترويكا، التي أضحت تقيس شعبيتها وترى مستقبلها السياسي من خلال الحكومة -بقطع النظر عن أدائها-، وهي فكرة تجانب الصواب في نواحٍ عديدة، لأنه يفترض أن لا يعني فشل الحكومة فشلا سياسيا للأغلبية، والدليل لجوء رؤساء الدول أو الحكومات إلى تحويرات وزارية بين الفينة والأخرى لتحقيق ثلاثة أهداف:
أولا: لتبديد المخاوف الشعبية بخصوص الأداء الحكومي إجماليا
ثانيا: لبعث نفس جديد في الحكومة، بما يوحي أن تغيير وجه سياسي أو أكثر قد يعني تغييرا في الخطاب والممارسة
ثالثا: لتجنب التهرئة وهي "مرض" أصبح يتهدّد الحكومات والأنظمة ككل، وصار يلاحظ بسهولة بفعل شفافية العمل السياسي وتركيز وسائل الإعلام، وهو ما كان نادرا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حتى في أعرق الديمقراطيات الغربية، كما أن التهرئة قد تصيب بعض أعضاء الحكومة -بفعل عوامل ما- دون أن يعني ذلك تهرئة للحكومة أو للأغلبية البرلمانية، وهو ما يتطلب تحويرات وزارية جزئية
ويبدو أن رهان الترويكا الكليّ على الحكومة أطاح بالحدود بين ما هو حزبي وما هو حكومي، ولذلك كانت أحزاب الترويكا تجد نفسها في الواجهة كلما حصلت أزمة في البلاد، والدليل على ذلك أن عديد الشعارات رفعت ضدّ أحزاب الترويكا، سواء في الأزمات حتى تلك الناجمة عن كوارث طبيعية، بل يعيدنا هذا الوضع -لو أضفنا إليه مسألة التعيينات في المناصب الكبرى- إلى الإشكالية التقليدية المتمثلة في التداخل بين الحزب أو الأحزاب الحاكمة والدولة، وهو ما ألقى بظلاله على الحكومة وحال دون تمتعها باستقلالية ذاتية نسبية كفيلة بتوضيح المشهد العام، من حيث الفصل بين السلطات والاستقلالية النسبية لمختلف هياكل الدولة
والسؤال الذي يطرح في خضم المشاورات الحالية هو: ما مدى قدرة أحزاب الترويكا على التخلي عن الاحتواء الكليّ للحكومة، بما يكفل تشكيل حكومة توافقية تحظى بقبول مختلف الأطراف وتتمتع بمصداقية تخوّل لها الشروع في تنفيذ خارطة طريق؟
ربما يصعب التكهن بخصوص مصير حكومة علي العريض، وتحديدا بعد إعلان حركة النهضة عن التمسك بها، ولكن يبقى هناك أمل في تنازلات ليس من قبل حركة النهضة بقية الترويكا، بل من جانب المعارضة وخصوصا جبهة الإنقاذ في ما يتعلق بحل المجلس التأسيسي
ولذلك يبدو انطلاق "أسبوع الرحيل" بما يتضمنه من مطالبة بحل الحكومة والمجلس التأسيسي ذا بُعْدين، بُعْدٌ يمثل سقف المطالب وآخر عنصر ضغط المنخرطين في مبادرة الاتحاد، لأننا أمام مفارقة تقسم المشهد العام إلى مبادرة، وحولها فرقاء، وفي سياقها مشاورات ومفاوضات؛ وإلى شارع يحتضن جبهة الإنقاذ بكل شعاراتها ومطالبها؛ إضافة إلى دلالات الاعتصام خصوصا في ما يتعلق بتوفير شروط نجاح مبادرة الاتحاد
بالتأكيد إن التوصل إلى حل بخصوص الحكومة يبقى أولوية هذه المرحلة، باعتبار وجود إجماع من قبل عديد الأحزاب والمنظمات، ثمّ الاتفاق على خارطة طريق توصل البلاد إلى آخر محطة في المرحلة الانتقالية وهي الانتخابات، وفي الأثناء الاتفاق -على الأقل- على تحديد مهام المجلس التأسيسي، وحصرها مرحليا في مهام محدّدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.