ما فتئ المشهد السياسي اليوم يشهد نسقا متسارعا ، على مستوى ما يطوّق الحكومة طاقمًا ومردوديّةً، إذ في حين تضافر الحكومة الجهود للعمل على قدم وساق لإنقاذ البلاد من شفر الهاوية في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتأزمة، بدأت المركزية النقابية التي أبدت تقاربها مع الطرف الحكومي لما يناهز السنة بدأت تحيد عن السطر وتطالب بتحوير وزاري ، في سابقة اعتبرها الطرف الحكومي تجاوزا لصلاحيات المنظمة الشغيلة في مرحلة جد حساسة تمر بها البلاد على جل الأصعدة . و عموما، مثلت الأوضاع المالية والاقتصادية المتدهورة التي تعيش على وقعها البلاد العامل الأبرز الذي خلق توترا اجتماعيا ، وجميع هذه الأوضاع رهينة الاستقرار السياسي والحكومي على حد سواء. و يواصل الاتحاد العام التونسي للشغل انتهاج نفس أسلوب التصعيد الذي انطلق في اعتماده خلال الأسابيع الأخيرة شانًّا هجوما صارخا على حكومة يوسف الشاهد. و بعد البيان الأخير الشديد اللهجة الصادر عن الاتحاد العام التونسي للشغل، انتقادات بالجملة وجهها سياسيون و مهتمّون بالشأن السياسي والنقابي بالبلاد حول حياد المركزية النقابية عن دورها وغوصها في ‘مستنقع' الحياة السياسية الأمر الذي جعله في محور الاتهام حول سعيه لتوسيع صلاحياته على السّاحة وربما الانخراط في المشهد السياسي كعنصر فاعل وليس كمشارك فحسب. وحذر الأمين العام الحالي لاتحاد المغرب العربي، والأمين العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للشغل الطيب البكوش في تصريحات اذاعية، من مغبة سقوط الاتحاد العام التونسي للشغل في الصراع السياسوي. وقال إن الاتحاد العام التونسي للشغل هو "قوة اقتراح ومشارك فعال في القرارات، وجزء من الوحدة الوطنية منذ فترة ما قبل الاستقلال، وإنه يُسيّر بنفس الاستراتيجية وبنفس العقلية منذ تأسيسه". واستدرك البكوش حديثه، ليدعو في المقابل إلى عدم الخلط بين العمل الاجتماعي في بعده السياسي العام وبين العمل "السياسوي"، مشددا في هذا السياق على ضرورة اقتصار دور المنظمة النقابية على تقديم اقتراحاتها في الملفات التي تهم شؤون البلاد عموما دون دخولها في الحسابات الحزبية والعملية الانتخابية ومساندة طرف سياسي دون آخر. وبدوره كان الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس، منجي الحرباوي، قد اتهم في تصريحات سابقة النقابات ب"السعي إلى وضع يدها على الدولة بالقوة والترهيب والوعيد". وقال إن "تونس لم تعد تتحمل فوضى النقابات التي تسيست أكثر من اللازم حتى باتت أعشاشا لكل المفلسين في السياسة". جدير بالذكر ان المكتب التنفذي الموسع للاتحاد العام التونسي للشغل اصدر خلال اليومين الماضيين بيانا حاد اللهجو أكد فيه أن الحكومة الحالية "فشلت في جميع المجالات وفي إدارة الملفات الكبرى"، ولم يتردد في تحميل حكومة الشاهد مسؤولية تدهور الأوضاع التي تعيش على وقعها البلاد. وحذر في بيانه من أن "سياسة التفرد بالرأي والقرار التي تنتهجها الحكومة في الملفات الكبرى، هي سياسة الهروب إلى الأمام نحو المزيد من إنهاك التونسيين بالإجراءات اللا شعبية التي لن تفرز إلا المزيد من التوترات الاجتماعية وتعمّق الأزمة الاقتصادية وترسّخ الارتهان الخارجي". وجدد في المقابل مطالبته ب"ضخّ دماء جديدة في مفاصل الدولة، وبالخصوص في مستوى التشكيل الحكومي على قاعدة صياغة البرامج القادرة على حل المسألة الاجتماعية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية بكفاءات تتحلى بالخبرة وبنظافة اليد والقدرة على المبادرة والولاء لتونس".