جدّ هشّة هي الوضعية التي تعيش على وقعها الصناديق الإجتماعية في تونس و ما انجرّ عنه تراكمُ ديونها ، و تِبَاعًا لتعمّق أزمتها أكثر فأكثر ، باتت منظومة التأمين الصحي في تونس على شفر الهاوية ، و هو ما جعل الحكومة تضافر جهودها على قدم و ساق في محاولة لإنقاذ منظومة التغطية الاجتماعية من الوضعية المادية الصعبة التي تمر بها .. وفي خضم هذا الشأن، قال الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض بشير الايرماني ، السبت 07 أفريل 2018، إن الوضعية المالية للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تشهد تحسنا تدريجيا منذ بداية سنة 2018 بعد ايقاف النزيف الناتج عن الصندوق المسجل خلال سنتي 2016 و2017. وأضاف الايرماني، خلال يوم دراسي انتظم بمناسبة اليوم العالمي للصحة، أن تحسن الوضع المالي للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تحقق من خلال تسجيل مستوى أدنى من الاستقرار المالي بعد إقرار المساهمة التضامنية الاجتماعية طبقا لقانون المالية لسنة 2018. وتابع قوله "وفرت هذه المساهمة مداخيل قارة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، مبينا أن عائدات الصندوق الوطني للتأمين عن المرض تتأتى من عائدات الصندوقين الوطنيين للضمان الإجتماعي وللتقاعد والحيطة الإجتماعية. وأكد المسؤول، أن حجم نفقات الصندوق الوطني للتأمين عن المرض تتراوح شهريا ما بين 180 و200 مليون دينار، مبرزا أن اصلاح منظومة التقاعد سيساهم في استعادة التوازن المالي لصندوق التأمين عن المرض. وأشار إلى أن الحكومة بذلت مجهودا استثنائيا لاستعادة الاستقرار المالي لأنظمة الضمان الاجتماعي، مذكرا برصدها لاعتمادات مالية ب300 مليون دينار خلال سنة 2016 وتخصيص 500 مليون دينار لدعم موازنة الصناديق الاجتماعية. يذكر أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد شدد مؤخرا على أن إصلاح الصناديق الاجتماعية أصبح أمرا ملحا ولا يحتمل التأجيل. واكد أنه إذا لم يتم الإسراع في إصلاح الصناديق الاجتماعية فإن عجزها سيصل، في غضون الأربع أو الخمس سنوات القادمة إلى حدود خمسة آلاف مليون دينار. وقال أن الحكومة اعدت وثيقة للإصلاح تضم مقترحات الحكومة والشركاء الاجتماعيين المتمثلين في كل من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف، تتضمن تشخيصا دقيقا لوضعية الصناديق وكل الخيارات الممكنة للاصلاح. وكان وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي قد كشف مؤخرا ان قيمة العجز المالي الذي تشكو منه الصناديق الاجتماعية ، بلغ 3 آلاف مليون دينار، فيما سجل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية لوحده عجزا بما قيمته 1000 مليون دينار في 2017 . كما افاد الوزير ، في السياق ذاته، ان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ايضا سجل عجزا ب 800 مليون دينار، بمعنى أن الصندوقين قد سجلا عجزا ماليا سنة 2017 ب1.8 مليار دينار. أما بالنسبة لصندوق التأمين على المرض، لفت الطرابلسي الى انه تمكن من تحقيق توازنه المالي وكان وضعه سيكون أحسن لو تمكن من تحصيل ديونه المتخلدة لدى صندوقي التقاعد والضمان الاجتماعي والتي بلغت 2800 مليون دينار خلال سنة 2017، وضعية مالية حرجة ومرشحة للتأزم أكثر إن لم يتم اتخاذ الحلول الكفيلة لاحتواء هذه الأزمة وخلق التوازن بين الموارد والنفقات. وحول مساعي الترقيع التي تعمل عليها السلطات من اجل انقاذ الصناديق الاجتماعية وااخراجها من عنق الزجاجة ، اكد وزير الشؤون الاجتماعية ، في تصريح للمغرب، أن الإجراءات المتفق عليها تنتظر فقط التوقيع وتتعلق بالّأساس بتنويع مصادر التمويل ومراجعة المساهمات وكذلك سن التقاعد عبر الترفيع بسنتين بصفة إجبارية أي إلى حدود 62 سنة، بداية من 2019 بسنة واحدة وابتداء من 2020 بسنتين، وب3 سنوات بصفة اختيارية، وفي هذه الحالة يمكن الترفيع سنة بسنة أي ليس بالضرورة أن يتم الترفيع ب3 سنوات، بمعنى إما الترفيع إلى 63 سنة أو 64 سنة أو 65 سنة وهو الحدّ الأقصى، كما تمّ أيضا الاتفاق على تكوين مجلس وطني لتمويل الحماية الاجتماعية ويجتمع بصفة دورية للتقييم واقتراح الحلول لتفادي استفحال الأمور أكثر مما يصعب فيما بعد حلّها. وفي السياق ذاته، اردف الطرابلسي أن الاتفاق يعمل ايضا على توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية ليتم توجيهها للقطاع غير المنظم، مشددا على أنه لأول مرة يتم الاتفاق على حزمة من الإصلاحات دفعة واحدة علما وأنه تمّ الانطلاق في تفعيل المساهمة الاجتماعية التضامنية المدرجة في قانون المالية لسنة 2018، فالدولة وفق الوزير قامت بدورها في هذا الشأن وبقيت الأطراف الاجتماعية. من جانب اخر، في خطوة لتدارك العجز المالي الذي يمر بها صندوق التأمين على المرض ‘الكنام'، أعلن المسؤولون صلبه ، خلال الفترات الاخيرة ، عن إقرار إجراءات جديدة تمكنه من حل كل المشكلات المتعلقة بعدم توفر السيولة المالية بما يسمح له بالقيام بالمهام المكلف بها، كما بدأ الصندوق في العمل على اتخاذ إجراءات أخرى تقرّب الخدمات التي يوفرها سواء للمواطنين أو لموفري الخدمات الصحية الذين تجمعه بهم اتفاقيات شراكة. وفي خضم هذا الشأن ، اكد المتحدث باسم صندوق التأمين على المرض صالح حميدات، إن الصندوق مر في الفترة الأخيرة بصعوبات كثيرة بسبب عدم توفر سيولة مالية كافية باعتبار أن مساهمات التأمين على المرض تمر عبر الصناديق الاجتماعية الأخرى. ولفت الى أن الصعوبات المالية للصناديق الاجتماعية أسفرت عن غياب السيولة المالية للصندوق بسبب التأخير الكبير في الحصول على مساهمات التأمين على المرض "وبالتالي أصبح هناك تأخير كبير في توفير الأموال المستحقة لمسديي الخدمات من أطباء وصيادلة وأطباء أسنان وأصحاب مخابر وغيرهم". وتصل قيمة مساهمات التأمين على المرض إلى 2900 مليون دينار، وهو دين يتقاسمه كل من صندوق الضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية لصالح صندوق التأمين على المرض. وقد انطلق الصندوق في اعتماد إجراء الاستخلاص المباشر لمساهمات التأمين على المرض منذ شهر أوت الماضي. ويمثل الاستخلاص المباشر إجراء إجباريا، يهدف إلى التسريع في وصول مساهمات التأمين على المرض إلى الصندوق وبالتالي تقليص مدة الاستخلاص من جهة، كما يمكّن من توفير سيولة مالية للصندوق من جهة ثانية. كما اعتمد صندوق التأمين على المرض إجراءات أخرى يهدف من ورائها إلى تقريب خدماته من المنتفعين بمنظومة التغطية الصحية، إلى جانب تسهيل المعاملات بينه وبين موفري الخدمات ومن بينهم أطباء القطاع الخاص وأطباء الأسنان وأصحاب مخابر التحاليل الطبية والتصوير الطبي وأصحاب الصيدليات. ومن بين الديناميكية الجديدة التي يستعد صندوق التأمين على المرض للبدء في تفعيلها خدمة الإرساليات القصيرة ومنصة التبادل الإلكتروني للمعلومات ، وأافاد حميدات في هذا الشأن بأن "خدمة الإرساليات القصيرة تمكن المنتسبين لصندوق التأمين على المرض من متابعة وضعية ملفاتهم وأهم المستجدات التي تطرأ عليها بشكل فوري". وانخرط في منظومة الإرساليات القصيرة حوالي 2 مليون منخرط، من جملة 3 ملايين و170 ألف منخرط في الصندوق. وشدد حميدات على أن هذا الإجراء الجديد "يهدف إلى تقريب الخدمات من منتسبي الصندوق ولتصبح خدمات عصرية تمكن من ربح الوقت بالنسبة إلى المواطن وتوفر له الاطلاع على ملفه بصفة مستمرة بشأن استرجاع المصاريف أو نفقات العلاج أو مختلف مراحل دراسة ملفه". ويعمل صندوق التأمين على المرض على إحداث منصة للتبادل الإلكتروني للمعلومات بينه وبين مسديي الخدمات تمهيدا لاعتماد البطاقة الإلكترونية الذكية. وتمكن البطاقة الذكية من جعل مسديي الخدمات مرتبطين وقادرين على الاطلاع على قاعدة بيانات صندوق التأمين على المرض. وصرح حميدات بأن هذا الإجراء سيبدأ العمل به خلال السداسي الثاني من عام 2018. وشدد المتحدث باسم صندوق التأمين على المرض على أن الصندوق يعتمد سياسة الحوار مع كل شركائه من أطباء وأصحاب الصيدليات والمخابر. وقال إن "صندوق التأمين على المرض بصدد تدارك كل المشكلات مع الجميع"، مشيرا إلى أن من تجمعهم اتفاقيات شراكة مع الصندوق "لديهم حقوق وواجبات والفصل بيننا هو النصوص القانونية"