كثر الحديث خلال الفترات الأخيرة حول الاصلاحات التي تقوم بها الحكومة للخروج من أزمتها ولإنقاذ البلاد من عنق الزجاجة واشتد الجدل حول هذه المسألة أمام اتهام الحكومة بأنها تخضع إلى ضغوطات صناديق النقد وإملاءات الدول الأجنبية،و مع اتساع دائرة الجدل حول هذه المسألة ، ما انفكت حكومة الشاهد تؤكد ان الإصلاحات التي بدأت تونس بتنفيذها ضرورية لإنقاذ البلاد من شفر الهاوية .. ولعلّ المنظومة الاجتماعية تعدّ من أكثر المرافق المتأزمة في البلاد،إذ تعيش الصناديق الإجتماعية في تونس على وقع وضعية جدّ هشّة انجرّ عنها تراكم ديونها ، و تِبَاعًا لتعمّق أزمتها أكثر فأكثر ، باتت منظومة التأمين الصحي في تونس على شفر الهاوية ، و هو ما جعل الحكومة تضافر جهودها على قدم و ساق في محاولة لإنقاذ منظومة التغطية الاجتماعية من الوضعية المادية الصعبة التي تمر بها .. وفي خضمّ هذا الشأن، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد، خلال إشرافه الاربعاء على افتتاح الندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى، إن "المنظومة الاجتماعية في تونس في خطر ووضع الصناديق الاجتماعية أكثر من حرج بما يستوجب إصلاحات عاجلة". وأضاف إن "الخطر الذي تشهده المنظومة الاجتماعية متأت أساسا من وضعية الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي بلغت حدا غير مقبول من العجز الهيكلي حيث تستوجب كل شهر 100 مليون دينار لتغطية عجزها"، مبرزا ضرورة وضع حد لهذا الوضع على اعتبار أن تواصله سيتسبب في عدم القدرة على صرف جرايات المتقاعدين. كما لفت ، في السياق ذاته، الى أن هذه الصعوبات أثرت على الخدمات التي تقدمها الصناديق للمواطن واثرت على المنظومة الطبية وعلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض، الذي أصبح بدوره عاجزا عن الايفاء بمستحقات الأطباء والصيادلة والمستشفيات، ملاحظا أن المشاكل التي تعانيها الصيدلية المركزية تعود في جزء منها إلى عجز الصناديق الاجتماعية. يذكر أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد شدد مؤخرا خلال حضوره في جلسة الحوار الأخيرة بمجلس نواب الشعب على أن إصلاح الصناديق الاجتماعية أصبح أمرا ملحا ولا يحتمل التأجيل. واكد أنه إذا لم يتم الإسراع في إصلاح الصناديق الاجتماعية فإن عجزها سيصل، في غضون الأربع أو الخمس سنوات القادمة إلى حدود خمسة آلاف مليون دينار. وقال أن الحكومة اعدت وثيقة للإصلاح تضم مقترحات الحكومة والشركاء الاجتماعيين المتمثلين في كل من الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف، تتضمن تشخيصا دقيقا لوضعية الصناديق وكل الخيارات الممكنة للاصلاح. وكان وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي قد كشف مؤخرا ان قيمة العجز المالي الذي تشكو منه الصناديق الاجتماعية ، بلغ 3 آلاف مليون دينار، فيما سجل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية لوحده عجزا بما قيمته 1000 مليون دينار في 2017 . كما افاد الوزير ، في السياق ذاته، ان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ايضا سجل عجزا ب 800 مليون دينار، بمعنى أن الصندوقين قد سجلا عجزا ماليا سنة 2017 ب1.8 مليار دينار. أما بالنسبة لصندوق التأمين على المرض، لفت الطرابلسي الى انه تمكن من تحقيق توازنه المالي وكان وضعه سيكون أحسن لو تمكن من تحصيل ديونه المتخلدة لدى صندوقي التقاعد والضمان الاجتماعي والتي بلغت 2800 مليون دينار خلال سنة 2017، وضعية مالية حرجة ومرشحة للتأزم أكثر إن لم يتم اتخاذ الحلول الكفيلة لاحتواء هذه الأزمة وخلق التوازن بين الموارد والنفقات.