لطالما ضُرب المثل بالثورة التونسية واعتُبرت منارة المنطقة العربية لِما أحرزته من خطوات ناجحة في الانتقال بتجربتها الديمقراطية إلى برّ الأمان، وعلى مدار السبع سنوات التي عقبت ثورة الحرية والكرامة ، حققت تونس العديد من الانجازات التي لقيت إعجابا واهتماما كبيرا على صعيد عالمي ؛ على غرار خطّها لدستور وطني توافقي، حصولها على جائزة نوبل للسلام، التداول السلمي والشرعي على السلطة، … وغيرها من المحطات الناجحة التي عايشتها تونس خلال السنوات الأخيرة وجعلت منها النموذج الديمقراطي الناجح في بلدان الربيع العربي ومكنتها من تصدر الدول العربية في مؤشر الديمقراطية.. ولعل تمكن تونس من إنجاح أربع محطات انتخابية واستعدادها لإنجاح المحطة الانتخابية الخامسة، هو خير دليل على سير البلاد على السكّة الصحيحة لمسارها الديمقراطي . انتخابات يجمع جل المتابعين والمحللين على أنها سوف تحدد وجهة تونس، وكذلك محيطها الإقليمي والعربي. ولا تنحصر أهمية هذه الانتخابات على تطوير الأوضاع الخدماتية والبلدية المعروفة فقط، وإنما من شأنها ان تخلق تجربة فارق على النطاق الوطني والإقليمي على حدّ سواء نظرا لكونها ستحد من سيرة الحكم المركزي وستمنح الجهات الداخلية قدراً كبيراً من استقلالية القرار التنموي، بما معناه أن الحكم سيتفرع تدريجياً ، ما سيعيد النظر في شكل الدولة أصلاً، وهو ما سيشكل تجربة مهمة للغاية، ستشكل مثالاً لدول عربية، وفي الوقت ذاته، تسبب خوفاً لسلطات بعض هذه الدول والحكومات التي يتركز الحكم فيها في دائرة مركزية ضيقة للغاية. ونظرا لأهمية هذه المحطة الانتخابية الفارقة في تاريخ البلاد، حازت تونس اعترافا دوليا بأن التجربة التونسية تسير على السكة الصحيحة وأن الانتخابات البلدية التي تتأهب البلاد لإجرائها خير دليل على ذلك. وفي خضم هذا الشأن، قال سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية دانيال روبنشتين، السبت، إن الانتخابات المحلية تشكل نقطة تاريخية في مسار الانتقال الديمقراطي في تونس وخطوة حاسمة جديدة نحو تحقيق الديمقراطية التشاركية. وأبرز روبنشتين أن هذه الطريق التي اختار الشعب التونسي السير فيها بكل شجاعة هي مصدر إلهام للكثيرين وما حدث فيها هو تونسي مائة بالمائة والذين ما يزالون يعتقدون بأن هذه الثورة أو هذا الانتقال الديمقراطي هو من صنع أمركي أو أوروبي، هم يتوهمون. وأكد السفير الأمريكي أن الشعب التونسي هو من اختار السير في طريق الانتقال الديمقراطي ولا أمريكا ولا غيرها من الدول اختار لهم هذا المسار، معتبرا أن هذه التغيرات التاريخية والإيجابية التي صنعها الشعب التونسي تؤكد أهمية دور المجتمع المدني المحلي في صون هذا المكسب وإنجاح مسار الانتقال الديمقراطي. وأوضح أن التغيير والتقدم والإصلاحات الحقيقية أمر لا تنفرد به الحكومات، بل يولد من تعاون حقيقي بينها وبين شركائها داخل المجتمع المدني، مثمنا الدور الجوهري الذي قام به المجتمع التونسي خلال السنوات السبع الماضية بوصفه دعامة أساسية من دعائم الديمقراطية في تونس وترجم كفاءته وجدواه وخبرته. وبدورها، أشارت المستشارة السياسية بالاتحاد الأوروبي كاترينا ليوغال، بتونس، إلى أن فريقا من 28 شخص من الملاحظين التابعين للاتحاد الأوروبي سيتابعون بداية من الاثنين كامل المسار الانتخابي البلدي في تونس. وأكدت أنه نادرا ما يشكل الاتحاد الاوروبي فريقا من الملاحظين لمتابعة الانتخابات البلدية بمنطقة ما، بما يعني أن تشكيل هذا الفريق بالنسبة للانتخابات البلدية في تونس يترجم الالتزام المتواصل للاتحاد الأوروبي بمساندة المسار الانتخابي في تونس ومعاضدة مسارها الديمقراطي. وشددت على أهمية دور المجتمع المدني في إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي وفي إنجاح أحد أبرز حضائر العمل المطروحة على تونس وهي حضيرة تجسيم اللامركزية، معتبرة أن موعد 6 ماي لتنظيم الانتخابات البلدية هو ثورة ثانية في تونس وهي ثورة ترسيخ الحكم المحلي. "