على الساعة السادسة مساء اليوم الأحد أغلقت مكاتب الإقتراع أبوابها طبقا للقانون وبدأت بشكل رسمي عمليّة الفرز اليدوي للأصوات في أوّل إنتخابات بلديّة تشهدهاتونس منذ الثورة وفيظلّ الدستور الجديد للبلاد الذي نصّ بوضوحعلى الديمقراطية المحلية واللامركزيّة بعد تأجيل لتنزيل الباب السابع من الدستور لأكثر من سنتين. مع إغلاق مراكز الإقتراع وإنطلاق عمليات الفرز بدأت تتالى إستطلاعات الرأي المنجزة عند مغادرة الناخبين لمراكز الإقتراع طوال اليوم الأحد 6 ماي وسط حديث كثير عن عزوف مثير للجدل حيث لم تتجاوز نسبة الإقبال على التصويت حاجز ال30% حسب بعض المؤشرات. التقارير الأولية وإستطلاعات الرأي المتواترة تتحدّث عنفوز واضح لأكبر حزبين في البلاد، حركة النهضة وحركة نداء تونس، أكبر مكونات التوافق بمقابل هزيمة مدوية للأحزاب الرافضة لخيار التوافق خاصّة بعض مكونات المعارضة التي تشكّلت بعد الإنشقاقات والأزمات العاصفة التي ضربت النداء إلى جانب أحزاب أخرى ذات خطابات متوتّرة ترفع شعارات الثورة. هزيمة مدوية لحركة مشروع تونس ولقائمات الإئتلاف المدني ومعها الجبهة الشعبية وحزب التيار الديمقراطي التي تشير الإستطلاعات والإحصائيات الأولية إلى عدم قدرة أي منها على تجاوز عتبة ال5% تؤكّد مجدّدا وجود نفور شعبي واضح من الخطابات المتوتّرة التي تعتمد على كيل التهم وخطابات الإقصاء أو على فرض إستقطاب ثنائي في المشهد. خلال السنوات الثلاث الماضية كانت منظومة التوافق تحت القصف إعلاميا وسياسيا بخطابات من مختلف التيارات التي رفضت وأعلنت بشكل واضح عدم قبولها بإدارة الإختلاف بالحوار باعتباره الأداة الأكثر تحضّرا، وعلى عكس ما تم الترويج له بشكل من الأشكال من "فشل" لمنظومة التوافق فقد كشفت التقارير الأولية أن أضلعه هي الأكثر شعبية في البلاد، نسب وإحصائيات تؤكّد مجدّداعزلة الخطابات المتوتّرة. هواجس وملفّات كثيرة تنتظر البلديات المنتخبة الجديدة وإشكاليات عالقة كثيرة تحتاج حلولا من طرف مكونات الإئتلاف الحكومي وعلى رأسها ضلعا التوافق نداء تونس وحركة النهضة مع تأخّر كبير واواضح في الإقدام على إصلاحات كبرى خلال السنوات الأخيرة، كلّ ذلك خلق أجواءا من التوتر قد تكون السبب الأكبر وراء ضعف نسب الإقبال على التصويت غير أن ذلك لم يفرز نفورا من التوافق بل إنتصارا له على عكس ما حدث مع الأطراف الرافضة لهذه الإستراتيجيّة التي عوقبت إنتخابيا وظهرت معزولة مجدّدا عن العمق الشعبي.