لم يهفت الصّدام بين المركزية النقابية والحكومة منذ أن بدا يطفو إلى السطح البون الشاسع حول وجهات النظر تجاه مختلف الملفات الحارقة بالبلاد، الأمر الذي دفع الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إعادة خلط الأوراق وبلورة تموقعه وموقفه على حد سواء تجاه حكومة يوسف الشاهد. و لا تزال قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل، خاصّة أمينه العام نورالدين الطبوبي، تصعد في حدة خطابها تجاه حكومة الوحدة الوطنية ، معلنة بصريح العبارة ضرورة ضخ دماء جديدة فيها وتغيير طاقمها لعدم رضاه عليها، دون أن يفوتها التعريج في كل مرة إلى جملة من الملفات الحارقة التي تختلف فيها رؤى كليْ الطرفين . ويتمسّك الاتحاد العام التونسي للشغل بوجوب إدخال تعديل عميق على الفريق الحكومي وحتى على الوظائف والمناصب العليا في مفاصل الدولة. وعلى هامش، افتتاحه أشغال المؤتمر الجهوي للاتحاد بمنوبة السبت 12 ماي 2018، قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي " تونس ليست ملكا لا للاتحاد أو للحكومة بل هي ملك للشعب". وأضاف ، في السياق ذاته، انّ الاتحاد أكبر خير واقتراح وقوة حجة في البلاد وهو ما اقلق الحكومات المتعاقبة، جبل عظيم وصرح شامخ". وأكّد أنّ "التفويت في القطاع العام خط أحمر متحديا الحكومة بنشر قائمة في الشركات التي ترغب في التفويت فيها"، قائلا "لن تُباع أي مؤسسة من المؤسسات العامة مهما فعلوا"متحديا الحكومة بنشر قائمة في الشركات التي ترغب في التفويت فيها"، قائلا "لن تُباع أي مؤسسة من المؤسسات العامة مهما فعلوا" قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل إن "تونس دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية يطيب فيها العيش للجميع ، وليست مصدرا للفكر الإرهابي ، كما يروّج لذلك البعض" ، مضيفا أن الإتحاد "صرح عظيم ، لا تهزّه أكبر المؤامرات التي تحاك ضده وخيمة تأوي الجميع كما سيستبسل في الدفاع عن مشروع تونس المجتمعي وطبقاتها الكادحة واستحقاقاتها" . وأوضح أنه "أمام ما وصلت إليه البلاد من تدنّي المقدرة الشرائية وبلوغ نسبة تضخّم 8 بالمائة ، مع انزلاق الدينار التونسي وتواصل غياب الرقابة على مسالك التوزيع والمهربين ، أصبح الوضع يتطلب ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة ومراجعة تعيينات المديرين العامين" ، وفق تقديره . ولفت الى أن "الاتحاد ليس في معركة مع الحكومة بل مشكلته الوحيدة هي الوضعية الصعبة التي وصلت اليها البلاد بشهادة الارقام والمؤشرات الصادرة عن المؤسسات الدولية"، مبينا ان هذه المؤشرات لا تترك مجالا للدفاع عن خيارات الحكومة ولا يمكن السكوت عنها. ودعا من جهة أخرى النقابيين الى عدم ترك الفرصة سانحة للراغبين في شيطنة المنظمة الشغيلة وضرب وحدة صفها بالاقدام على ممارسات غير عقلانية باسم الاتحاد، مبرزا ان المنظمة تعمل وفق قانون اساسي ونظام داخلي منبثق من المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد وضحى من اجلها رواد الحركة النقابية والذين جعلوا منه قوة خير ومنظمة تجمع لا تفرق وتعمل على التقدم بتونس وبكل ابنائها. ومن جانبه، قال الأمين العام المساعد باتحاد الشغل حفيّظ حفيّظ "لا أعتقد أن اجتماع الاثنين سيناقش ملامح التركيبة الحكومية القادمة باعتبار أن للاتحاد العديد من الاحترازات على بعض المقترحات المضمّنة بوثيقة قرطاج 2′′. ويأتي موقف حفيّظ عقب تصريح الأمين العام للمنظمة نورالدين الطبوبي منذ أيام بأن اجتماع الاثنين سيكون مصيريا وأنه سيحدد بصفة كبرى ملامح التركيبة الحكومية الجديدة. وشدّد حفيّظ على أن اتحاد الشغل أعدّ ورقة بها كل تحفظاته إزاء مضامين وثيقة قرطاج 2، خاصة في ما يتعلق بالإصلاحات الكبرى وبالتحديد ملف المؤسسات العمومية، مؤكدا أن الاتحاد لن يكون طرفا في الحكومة المرتقبة لكن لديه تصورات واضحة من أهمها وجوب القيام بتعديل وزاري عميق طالما أن المنظومة الحاكمة لن تتغيّر. وأوضح حفيّظ أن المنظمة النقابية ستتمسّك عند بدء التفاوض حول التركيبة الحكومية بضرورة التعديل العميق الذي يجب أن يشمل كافة مفاصل الدولة وفي مقدمتها الوزراء والمناصب العليا بالدولة من محافظين ومعتمدين ورؤساء عامين بالعديد من المؤسسات، داعيا إلى "ربان جديد يكون قادرا على الوصول بسفينة الوطن إلى برّ الأمان خاصة في ما يتعلق بالملفات الاقتصادية والاجتماعية الملحة" ومن المنتظر أن ينعقد اليوم الاثنين إجتماع رؤساء الأحزاب والأمناء العامون للمنظمات الوطنية في قصر قرطاج بإشراف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، لمناقشة الصياغة الأولية لوثيقة أولويات الحكومة الجديدة، أو ما يعرف ب"وثيقة قرطاج 2′′، وذلك قبل المصادقة عليها ومن ثمة مناقشة أشكال التعديل الوزاري الذي قد يشمل رئيس الحكومة يوسف الشاهد.