لا تزال تداعيات نتائج الانتخابات البلدية، التي شهدتها تونس في 6 ماي 2018 ، متواصلة، لعلّ أبرزها الجدل القائم حول المنافسة بين مرشحي رؤساء القائمات على ترؤس بلدية تونس العاصمة أو ما يعرف ب"مشيخة المدينة" ، وما كشفته من بَوْنٍ شاسع بين ما يزعمه دعاة الحداثة من دفاع عن حقوق المرأة وحرياتها وكاسبها وبين ما يطبقونه على أرض الواقع، وهو مايكشف بشكل جلي وواضح أنهم يستغلون المرأة لغايات تسويقية شكلية لا غير. في خضم هذا الشأن، قال رئيس حركة النهضة راشد الغنّوشي في حوار مع جريدة "الخبر" الجزائرية الإثنين "إن الانتخابات البلدية كشفت زيف بعض من يزعمون الحداثة، نرى أن بعض الحداثيين يعترضون على رئاسة امرأة لبلدية العاصمة، بحكم أنها امرأة، وأنها ليست بَلْدية (أي ليست من عائلات العاصمة القديمة)، وهذا انكشاف فاضح، لكن يزعمون أنهم ديمقراطيون وحداثيون ويدافعون عن المرأة، التزام النهضة بنهجها الإسلامي الديمقراطي الحداثي دفع الآخرين إلى أن يتورطوا في مواقف مخجلة." و أضاف الغنوشي، في سياق متصل، أن "تَقدُم النهضة وخسارة الأحزاب التي تبني خطابها على نقد النهضة دون أن تقدم بديلا سياسيا، دليل على أن الشعب لم يصدق هذا الخطاب، يحاول ظلما وباستغلال الإعلام ربط النهضة بكل ما هو سلبي، الشعب لم يصدق". وقال الغنّوشي "أنه يتوقع بعض الإعلام التونسي سيعدل من موقفه من النهضة، الذي لديه التزام سيعدل التزامه، والذي عنده عقل ويبحث عن الحقيقة لا يتعالى عن الشعب سيدرك ويحترم إرادة الشعب، وسيرى من هو الحداثي الحقيقي ومن هو الديمقراطي، والحركة من موقف إلى موقف آخر تؤكد التزامها بالديمقراطية وفهمها للإسلام الحداثي، والبعض سيفهم ذلك وسيراجع موقفه، عدا الذين لديهم أجندة محددة، ولكن هناك البعض يعاند ويتخذ العداوة عقيدة ضد النهضة"، بحسب تعبيره. و من جانبها، أكدت نائب حركة النهضة يمينة الزغلامي ان حركة النهضة متمسكة بكل حظوظها على مستوى بلدية تونس مشيرة الى ان النهضة قد فازت بجميع بلديات العاصمة. واضافت ان فوز عبد الرحيم في بلدية تونس هو امتحان للأشخاص الذين يساندون التيار النسوي الحداثي ولمن يؤمنون بالمساواة خاصة وانه منذ الثورة والى حد اليوم فانه لا وجود لاي امرأة تونسية تقلدت منصبا هاما في الحكومة والدولة . واعتبرت ،يمينة الزغلامي، أن مرشحة حزبها لمنصب شيخ مدينة تونس سعاد عبد الرحيم، قد تعرضت منذ فوزها الى " عنف سياسي " وقالت الزغلامي: "ان المساس بهذه السيدة يدخل تحت طائلة قانون القضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة وليس من حق أي طرف ان يمارس ضدها أي نوع العنف السياسي . وختمت بالمطالبة من جميع النساء مساندة سعاد عبد الرحيم من اجل الفوز . مرشحة حركة النهضة لرئاسة بلدية تونس، سعاد عبد الرحيم، أكدت من جانبها تمسكها بمنصب "شيخ المدينة"، واعدة الناخبين بتحسن أوضاع مدينتهم خلال شهر من توليها رئاسة البلدية، معتبرة أنّ فوزها بمنصب رئيس البلدية فخر للمرأة التونسية قائلة: "هذا التتويج لنساء بلادي والعالم". وقالت سعاد عبد الرحيم في حوار أجرته مع وكالة الأناضول الاثنين ، إن "انتخابها من قبل الشارع التونسي فيه رسائل داخلية وخارجية، ودليل على أن العقلية بدأت تتغير"، مضيفة أنّ "الشارع التونسي أعطى درسا للسياسيين والنخب المثقفة، يجب أخذه بعين الاعتبار". وأضافت: "الثقة الكبيرة التي منحني إياها الناخبون تجعلني أتمسك برئاسة بلدية تونس، وحقي في ذلك"، مشدّدة في الوقت نفسه على حق كل رئيس قائمة في تونس بالترشح لرئاسة البلدية". وأشارت سعاد عبد الرحيم، إلى وجود "آلية انتخاب حال غياب التوافق، وأن تونس بحاجة إلى توافقات"، منوهة بأن "المفاوضات حول التوافقات ستبقى للأجهزة المركزية لحركة النهضة. وحول الجدل الذي أثير حول توليها المنصب، قالت عبد الرحيم: "ردود الفعل ضد تواجدي كرئيس بلدية، عادية، مقارنة بالحراك السياسي الذي نعيشه اليوم". كما نفت الأخبار التي انتشرت حول أنها لم تولد في العاصمة، قائلة: "أنا ولدت في العاصمة تونس وكذلك والداي، أما جدي فهو من المطوية". وفي ذات الإطار، شدّدت سعاد عبد الرحيم على أنّ "العمل البلدي لا يقبل الصراعات السياسية، فهو تنفيذي يتطلب وحدة الأعضاء الستين، وانسجامهم حتى تنفذ المشاريع التي تفيد المواطن في حياته". وتابعت: "ما وعدنا به ناخبينا في حملتنا الانتخابية من الاعتناء وصيانة المؤسسات الصحية والتربوية ورياض الأطفال والشوارع وتهيئة الأسواق وإيجاد تسويات، لابد أن يُطبّق"، مشدّدة على أن "تغيير مشهد مدينة تونس من حيث الجمالية والنظافة، لابد أن يشعر به المواطن بعد شهر واحد من تولينا مهامنا". وكان المكلف بالشؤون السياسية في نداء تونس، برهان بسيس، قد أكّد خلال حضوره في برنامج "ناس نسمة" يوم الأربعاء الماضي، أن حزبه "سيسعى لرئاسة بلدية العاصمة مهما كان المنافس امرأة أو رجالا". يشار إلى أنّ حركة النهضة، تصدرت نتائج الانتخابات في بلدية تونس، بحصولها على 21 مقعدا بالمجلس البلدي، وفق ما أعلنت الهيئة العليا للانتخابات، فيما جاء حزب حركة نداء تونس في المرتبة الثانية ب17 مقعدا.