لا يزال الوضع المالي في تونس متفاقما في ظلّ ما يعيشه الدينار التونسي من تغيرات و انخفاض مستمر في قيمته ، و خاصة بعد أن كشفت البيانات الرسمية للبنك المركزي أن مخزونه من العملة الصعبة في تراجع مستمرّ رغم الاجراءات الترقيعية التي وضعها ما يحيل إلى مدى تفاقم الوضعية الماليّة التي تمرّ بها البلاد.. وفي أكثر من مناسبة، أطلق البنك المركزي صيحة فزع حول تآكل مخزونه من العملة الصعبة رغم الاجراءات الترقيعية التي وضعها ما يحيل إلى مدى تفاقم الوضعية الماليّة التي تمرّ بها البلاد . و قد أعلن البنك المركزي التونسي أنّ مخزون تونس من العملة الصعبة تراجع الخميس 24 ماي 2018 إلى 10703 مليون دينار مما يُغطّي 72 يوم توريد بعدما كان يوم 21 ماي في حدود 10795 مليون دينار اي ما يُعادل 73 يوم توريد. ويُعدّ بلوغ احتياطي تونس من العملة الصعبة عتبة 72 يوما من التوريد المُعدّل الأدنى منذ مستهلّ هذه السنة ويعكس عجزا عن إيقاف نزيف انهياره. جدير بالذكر أن مخزون تونس من العملة الصعبة يشهد منذ مُستهلّ سنة 2018 انهيارا وُصف ب"التاريخي والخطير" خاصة بعد نزوله عن الخط الأحمر المُقدّر ب 90 يوما. ويحذر محللون من أن هذا المستوى الحرج للاحتياطي يهدد قدرة البلاد على تسديد ديونها واستيراد بعض المواد مثل الطاقة والأدوية والغذاء. وكان الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان قد أكّد في تصريح سابق أن أية دولة ينحدر مخزونها من العملة الصعبة الى حدود 90 يوما أو ينزل عنه تعتبر غير قادرة على تسديد الدين وبالتالي غير قادرة على الاقتراض، مشددا على ان قيمة احتياطي العملة مؤشر من مؤشرات الأوضاع الاقتصادية والمالية لأي بلد. ولفت الى أن خط ال90 يوم توريد مقياس معتمد في كل دول العالم وأن أية دولة تمر بظروف اقتصادية ومالية صعبة تعطي في دفوعاتها الخارجية الاولوية المطلقة لتوريد الدواء والغذاء والمحروقات وأنه لتوريد هذه المواد يجب أن يتوفر لديها ما يعادل 90 يوم توريد. كما أشار إلى أن تونس في حاجة اليوم إلى استنباط إستراتيجية واضحة على غرار برنامج الإصلاح الهيكلي لإصلاح الإقتصاد. ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، إن الحكومة قد تضطر لخروج غير مبرمج للاقتراض من السوق العالمية لردم فجوات جديدة في الموازنة فرضتها التطورات في منطقة الحوض المنجمي، مؤكدا أن الخروج سيكون محفوفا بالمخاطر بسبب التصنيفات الأخيرة لتونس على القوائم السوداء للبلدان المتهمة بالتهرب الضريبي وغسل الأموال. وتوقع الخبير الاقتصادي أن تواجه الحكومة صعوبات كبيرة في التصرف في موارد الموازنة بسبب هشاشة الفرضيات التي بنت عليها ميزانية 2018 والتي كشفت عن عيوبها في وقت مبكر من السنة، بحسب قوله.