أمام متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ ضبابيةٌ نوعًا ما، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام التأويلات والفرضيات حول الأحداث التي من المتوقع أن تشهدها الساحة السياسية. و لعلّ من أبرز المواضيع التي باتت تتصدّر الواجهة خلال الأيام الأخيرة؛ مسألة إمكانية عودة المياه إلى مجاريها بين كلّ من الأمين العام لحزب حركة مشروع تونس محسن مرزوق والمدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس، سيّما بعد نشر الغسيل الدّاخلي للنّداء والحديث عن قطيعة بين شقّين للحزب أحدهما يتبع السبسي الإبن والآخر يتبع يوسف الشّاهد. وقد كان لتصريح محسن مرزوق الذي أكد فيه استعداده لطيّ صفحة الماضي والجلوس مع حافظ قائد السبسي على طاولة الحوار الذي لفت فيه الى انه تجاوز رواسب الماضي وأعرب عن استعداده للتوسط بينه وبين رئيس الحكومة يوسف الشاهد بحثا عن مخرج للمأزق السياسي ، وقع مدوي على الساحة السياسية لاسيّما وأنه ورد في فترة جدّ حساسة ارتبطت بالأساس باحتدام العلاقة بين كلّ من حافظ والشاهد. ولم يفت محسن مرزوق أن يسارع إلى الدخول على الخطّ بعد الكلمة الشهيرة التي ألقاها يوسف الشاهد الأسبوع الفارط ، منتقدًا توجّهه إلى "الحديث عن المشاكل الداخلية لحزبه في العلن" . واعتبر متابعون كلمة مرزوق تلميحٌ إلى رغبته في التقرّب من جديد من النّداء. كما تحدّثت مصادر إعلامية عن لقاء جمع مؤخرا كلّا من حافظ قائد السبسي ومحسن مرزوق في إطار البحث عن معادلة سياسية جديدة قد تمكّن الحزب من المحافظة على قوته ومن سحب البساط من تحت أقدام رئيس الحكومة يوسف الشاهد. الحديث عن إمكانية عودة العلاقة بين مرزوق والسبسي الإبن إلى سابق عهدها ، بعد ما يناهز الثلاث سنوات من القطيعة ، قُوبِلَ بغضب شديد من عدد من قيادات حركة مشروع تونس الرافضين لعودة التقارب مع النّداء، لاسيّما وأن أغلبهم انشقوا عن الحزب في 2015 رفضا ل"سطو" نجل الرئيس على الحزب. ويثير هذا التقارب مخاوف من حدوث انشقاقات داخل حركة مشروع تونس التي تشهد بدورها تململا بسبب اتهامات لرئيسها بالتفرد في اتخاذ القرارات. ومع احتدام الشدّ والجذب في هذا الخصوص ، طفح على السّاحة تسجيل مسرّب لمحسن مرزوق يتهجّم فيه على حزب نداء تونس وقياداته بمن فيهم حافظ قائد السبسي ، وهو ما قلب الموازين وجعل من المستبعد جدّا خلال هذه الفترة عودة المياه إلى مجاريها وإعادة علاقة الطرفين إلى سالف عهدها. وتتداول صفحات التواصل الاجتماعي ، منذ يوم الثلاثاء 5 جوان 2018،تسجيلا مسرّبا لأحد اجتماعات حزب حركة مشروع تونس يسمع فيه صوت أمينه العام محسن مرزوق. وقال مرزوق في التسريب الذي لم ينف الحزب صدقيته حتى الان ،إن حزب حركة نداء تونس "كلو قُطعية وانتهازية ومربوط بصورة رئيس الجمهورية .. حافظ السبسي لا مستقبل له بدون أبيه ..حافظ ليس له أي حجم أو وزن ولا مستقبل له اذا ما غاب أبوه ولا مستقبل للعصابة المحيطة به.. توة تحب تمسخ روحك برا لنداء تونس". وأشار إلى أن "حافظ" أحاط نفسه بعدد من الانتهازيين على غرار برهان بسيس وسمير العبيدي وأخرين واصفا اياهم بالمجرمين المطلوبين للعدالة و الذين يتحصنون من القضاء بمرافقة حافظ قائد السبسي . ويرى تابعو الشأن السياسي أن تداول هذا التسريب في هذه الفترة بالذات يضع فرضية ان يكون توقيت التسريب مدروسا وانه سيربك مرزوق ويعيد خلط اوراقه لاسيما انه عاد للمشهد بعد خيبة الانتخابات البلدية بمشروع "الوسيط" . يشار إلى أن القطيعة بين محسن مرزوق وحزب نداء تونس دامت قرابة ثلاث سنوات بعد انشقاق مرزوق من الحزب واتهامه لحافظ قائد السبسي بالسطو على الحزب وتفكيكه عبر طرد كل قياداته المؤسسة تطبيقا لسياسة ما أسماه في أكثر من مرة ب"التوريث".