لم يتوقّف الجدل بخصوص ما عُرف مؤخرا بمحاولة الانقلاب التي باءت بالفشل بتسطير كلّ من السعودية والإمارات وبتنفيذ عدد من بيادق أجنداتهما في تونس، ومع احتدام الضّغط في المواقع الإعلامية وفي منصات التواصل الإجتماعي، ومع كشف التقرير الصّادر مؤخرا بصحيفة "موند أفريك" الفرنسية للصحفي نيكولا بو لجملة من المعطيات الحساسة حول الموضوع. ومع شروع وزارة الدّاخلية في البتّ في ملابسات ما نشر حول محاولة الانقلاب الفاشلة في تونس ، يتساءل متابعون عمّا ستفضي إليه التّحقيقات لاسيّما وأنّه من الوارد تورّط وزير الدّاخلية المقال لطفي براهم . وقال وزير الداخلية بالنيابة غازي الجريبي إنه "يتم التعامل بجدية مع المسألة والمعلومة بالتحليل وفي حال ظهور قرائن وأدلة فإننا نحيلها إلى القضاء وهذه هي دولة القانون والديمقراطية" على حد تعبيره. وتابع الجريبي في ذات الصدد أن "الوزارة لا تتفاعل بصفة متسرعة مع كل ما يتم تداوله في الإعلام"، وأضاف الجريبي أن "المعلومات التي ترد يتم تحليلها والتعامل معها قضائيا، إن لزم الأمر.. نحن لا نهمل أي معلومة بل نقوم بتحليلها لتبيُّن مدى صحتها، وإن توفرت القرائن والعناصر المتضافرة والجدية نحيل الأمر إلى القضاء". وشدد الجريبي على أن الوزارة تتعامل بصفة مسؤولة مع كل المعلومات، مؤكدا في الآن ذاته أنها لا تتجه نحو فتح تحقيق في كل معلومة واردة قبل تحليلها. وفي مساء ذات اليوم الذي أعلن فيه أن وزارة الداخلية تتعامل بجدية مع الموضوع وأنها بصدد تحليل المعطيات الواردة على الساحة فيما يتعلق ب"الانقلاب" المفترض، قرر وزير الداخلية بالنيابة، إقالة مدير عام العلاقات الخارجية في وزارة الداخلية، وذلك على خلفية وجود تلاعب في تقارير زيارة الوزير السابق لطفي براهم السعودية. ويبدو أن مدير العلاقات الخارجية قدم تقارير مغلوطة ومنقوصة عن زيارة وزير الداخلية السابق لطفي براهم المملكة العربية السعودية، والتي يبدو أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يكن على علم بكل تفاصيلها. وكان متابعون قد رجّحوا أن تكون مساءلة الوزير المقال، وكل من له علاقة بالقضية، إما عبر أسئلة شفهية وإما في إطار لجنة الأمن والدفاع البرلمانية. ويرى متابعون أن المعطيات التي أحاطت بإقالة وزير الداخلية التونسي، تشير بوضوح الى أن شيئاً ما كان يدبر في تونس، وأن حجم التحركات التي شهدتها الحكومة ووزارة الداخلية تبيّن أنه تم تفادي أمر خطير ، لاسيّما وأن التغييرات الأمنية التي شهدتها المؤسسة الأمنية مؤخراً، كانت استباقية لدحض أي احتمال لأي تحرك، وخصوصاً أن بعض خروج بعض المحتجين في محاولة للاعتراض على إقالة براهم، وهو ما يعدّ سابقة في المشهد التونسي أن يخرج البعض، ولو بأعداد قليلة جداً، لرفض إقالة وزير ومحاولة دعمه. وربط محلّلون بين هذا التحرك الذي خرج فيه محتجون يعدّون على أصابع اليد ، وبين ما نشرته صحيفة الخليج الإماراتية من أن "الإقالة المفاجئة لوزير الداخلية التونسي، لطفي براهم، فاقمت الأزمة السياسية التي تغرق فيها البلاد منذ أشهر، وأثارت عاصفة من الانتقادات لقرار رئيس الحكومة يوسف الشاهد". وتابعت الصحيفة الإماراتية: "شهدت مناطق متفرقة من تونس احتجاجات شعبية للمطالبة باستقالة رئيس الحكومة الشاهد، والتنديد بقراره إقالة وزير الداخلية، ويخطط غاضبون لنقل الغضب الشعبي إلى مقر الحكومة والرئاسة، لرفض قرارات الشاهد…". وتفضح صياغة الخبر دعماً إماراتياً واضحاً لوزير الداخلية المقال، وتحسراً على إبعاده، ولكنها تحمل أيضاً بطريقة غير مباشرة دعوة للعصيان والتوجه الى مقر الحكومة بالقصبة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتتحدث عن "زحف" على مقر الحكومة، معتبرة أن قرار رئيسها، الشاهد، كان "غير محسوب العواقب".