ما انفك الشدّ والجذب حول مآل وزير الداخلية السابق محمد ناجم الغرسلي يتصدر الواجهة بعد الجدل الذي طفح على الساحة و تضارب الأنباء بشأن اختفائه إثر قرار قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه.. ووُجّهت إلى الغرسلي جملة من التهم، لعلّ أخطرها تهمة التآمر على أمن الدّولة، فضلا عن تهمة تقديم خدمات لجيش أجنبي، وهي ذات التهمة الموجهة إلى رجل الأعمال الموقوف منذ ماي السابق شفيق جراية، والتي طالت أيضا عددا من القيادات الأمنية، التي كانت تشغل مناصب عليا في وزارة الداخلية في حكومة الحبيب الصيد. و منذ أن صدرت في حقّه بطاقة جلب ، مؤخّرا ، بتهمة "التآمر على أمن الدولة" ، بات الغموض يطوّق مكان وزير الغرسلّي، حيث رجح بعض وسائل الإعلام مغادرته البلاد، فيما تحدثت أخرى عن «اختبائه» لدى جهة مرتبطة بأحد الأحزاب الحاكمة. واختلفت ردود الأفعال وتضاربت التصريحات حول قضية الغرسلي و سرّ اختفائه الغامض. و قال رئيس حزب البناء الوطني رياض الشعيبي الجمعة 22 جوان 2018، إنّه لم يقل صراحة إنّ رئيس الجمهورية متستر على وزير الداخلية السابق ناجم الغرسلي الذي تتعلّق به تهم التآمر على أمن الدولة الداخلي والتخابر مع جهات أجنبية. وأضاف "وزير الداخلية السابق مختفي ومطلوب أمام العدالة منذ أشهر ولا أستطيع شخصيا تصديق أنّ أجهزة الدولة عاجزة عن القبض عليه" متابعا قوله، " الغرسلي استشار بعض الأشخاص حول فكرة هروبه من تونس ونُصح بعدم المجازفة بذلك والقيام بدل ذلك بالبقاء في تونس والتخفي... هذه ليست معلومات أمنية بل هي معلومات تتداول في الساحة السياسية". وتابع الشعيبي " هناك لوبيات بصدد الاستفادة من اختفاء ناجم الغرسلي الذي يملك ملفات تدين شخصيات في الدولة وهذه الملفات هي التي تحميه... هناك معلومات مربكة ولا تتطابق ولا يمكن أن تكون صدفة، كيف يتم إنهاء مهامه كسفير في المغرب ورفع الحصانة عنه من أجل الوقوف أمام العدالة وفي المقابل تتم ترقيته كقاضي ويتحصل على أجره الشهري؟ " . بدوره، قال القيادي في حزب حراك تونس الإرادة عدنان منصر إن ناجم الغرسلي جعل من وزارة الداخلية في خدمة إبن الرئيس حافظ قائد السبسي مؤكّدا أن الغرسلي هو من المنظومة القديمة و"كان من قضاء التعليمات". وبيّن منصر أن الملفات التي يمتلكها ناجم الغرسلي هي التي تحميه اليوم مؤكّدا ان وزير الداخلية السابق لديه ملفات حول المحطين بحافظ السبسي. ومن جهته، أكد الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق انه لا يوجد أي رغبة أو إرادة سياسية للقبض على وزير الداخلية الأسبق ناجم الغرسلي المتهم بالتآمر على أمن الدولة و التعامل مع جيش أجنبي مؤكدا على وجود شخصيات توفّر الحماية لناجم الغرسلي. وتساءل محسن مرزوق كيف يمكن لشخص مطلوب للعدالة أن لا يتمّ إيقافه خاصّة بعد مرور 48 ساعة التي أمهلها رئيس الحكومة لوزير الداخلية المقال للقبض على ناجم الغرسلي حسب تقديره. ومن جانبها، افادت النائبة صبرين قوبنطيني انه و بعد اقالة وزير الداخلية السابق و المفتش عنه حاليا ناجم الغرسلي طلب منها بعض النواب الامضاء على عريضة لارجاعه لمنصبه انذاك. و في هذا السياق نشرت قوبنطيني تدوينة على صفحته الرسمية الفايسبوك جاءت كالتالي : "نتفكر كي تنحى ناجم الغرسلي من وزارة الداخلية، كلموني زملاء نواب وطلبوا مني الامضاء على عريضة للمطالبة بارجاعه...قعدت دايخة في أمري، كيفاش نواب شعب ويمثلوه، وعندهم سلطة الرقابة على عمل الحكومة، يمشيو بهوى هستيريا الفايسبوك وما ينجموش يقيموا مسؤول رغم اللي تتوفر عندنا كل المعطيات لذلك. يقول الرفيق كارل ماركس : التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرة على شكل مأساة، ومرة على شكل مهزلة. وما نراه الآن هو المهزلة." وكانت صحيفة الشروق الورقية قد نشرت يوم 11 جوان الجاري مقالا بعنوان رغم حمايته من ابن رئيس حزب: فرقة أمنية للاطاحة بالغرسلي وهاتفه كشف «الاخطبوط» كشفت فيه معطيات هامة في ملف الغرسلي. و جاء في نص المقال ان وزارة الداخلية انطلقت في تنفيذ عمليات امنية في ولايتي القصرين والمهدية حيث تم اقتحام كل المنازل التي تبين ان الوزير السابق محمد ناجم الغرسلي مكث فيها لفترات قصيرة على غرار منزل مهرب في القصرين وفيلا سيدة أعمال في المهدية والمعروفة بعلاقاتها الأخطبوطية في الولاية منذ كان الغرسلي واليا على الجهة ثم تواصلت علاقتها بعد ان تولى حقيبة وزارة الداخلية. وأكدت الشروق نقلا عن مصادها ان ابن صاحب حزب نافذ في البلاد وفر حماية وقدم مساعدات لناجم الغرسلي وزير الداخلية السابق حتى لا يتم القبض عليه وكان يمده بالاخبار المتعلقة بقضيته وبتحركات وحدات الامن قبل مداهمة الأماكن التي كان يختفي داخلها. وأضاف المقال أن ابن رئيس الحزب تورط مع ناجم الغرسلي في عديد العمليات غير القانونية مضيفا ان عملية القبض على وزير الداخلية السابق المتهم بالتآمر على امن الدولة سيفضح قيادات بارزة في عدد من الاحزاب استغلت نفوذها للقيام بتجاوزات خطيرة قائلا «هاتف جوال ناجم الغرسلي الوزير السابق كشف خيوط الاخطبوط التي تحميه كل هذه الفترة للمثول امام القضاء العسكري». يذكر ان القاضي العسكري اصدر بطاقة جلب يوم 14 مارس الفارط ضد وزير الداخلية والسفير السابق محمد ناجم الغرسلي بتهمة التامر على امن البلاد والتعامل مع جيش اجنبي وقت السلم في القضية الشهيرة التي اثارت زلزالا واتهم فيها كل من شفيق جراية وعماد عاشور المدير العام السابق للاستخبارات وصابر العجيلي المدير السابق لادارة السياحة ووحدة مكافحة الارهاب بثكنة القرجاني. "