في ظلّ متغيّرات المشهد السياسي المتقلب الذي تعيش على وقعه البلاد، تبدو الرؤية حول خفايا المرحلة القادمة من مستجداتٍ غير واضحة نوعًا ما، ولا يزال الحديث عن مآل حكومة يوسف الشاهد متواصلا، في ظل المشهد السياسي الذي تطوقه التساؤلات عمّا إذا ستستانف مشاورات وثيقة قرطاج 2 أم أن تعليقها سيطول أكثر بعد. وبالإضافة إلى كل هذه البلبلة التي تطوق المشهد السياسي، يعيش مجلس نواب الشعب على وقع أزمة جديدة في علاقة بالتصدع والخلافات التي سبطرت على كتلة نداء تونس مما خلق أزمة نظامٍ تحت قبة البرلمان، وهو ما أثر على سير عمليات المصادقة على مشاريع القوانين.، بتأجيل النظر في عدد منها. و يبدو أن كتلة نداء تونس أضحت تعاني من تهديد الخلافات التي باتت تعصف بها، لاسيما في ظل تباين المواقف صلبها فيما يخص مآل حكومة يوسف الشاهد. . ويبدو أن اللقاء الأخير بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد أعضاء مكتب اللجنة البرلمانية لحركة نداء تونس المكلّفة بتقييم عمل الحكومة وما أظهرته هذه اللجنة من انسجام مع رئيس الحكومة ودعما له قد أثار حفيظة قيادة الحزب. وكان رئيس اللجنة رمزي خميس قد وصف اللقاء برئيس الحكومة ب"الايجابي ‘ معربا عن موقف اللجنة الداعم للاستقرار السياسي على رأس الحكومة مع إدخال تحسينات في تركيبتها يقررها رئيسها والفريق العامل معه وحزب نداء تونس. كما أكد أن اللجنة ستقدم مقترحاتها بغرض تدعيم العمل الحكومي للشاهد وللحزب مذكرا أن رئاسة الحكومة هي من حزب نداء تونس وحزب النداء طرف فيها كونه الحزب الحاكم وفقا لنتائج الانتخابات. في المقابل، اعتبر المتحدث باسم نداء تونس منجي الحرباوي أن اللجنة الاستشارية للحزب التي التقت بالشاهد ليست لها أية صفة قانونية ورسمية. وأضاف الحرباوي أنه من الضروري أن ينأى أعضاء اللجنة بأنفسهم عن الدخول في تشويش على مواقف الحركة أو الانحياز لطرف بدل الآخر. وأكد الحرباوي ان كتلة نداء تونس إجتمعت وأصدرت بلاغا استنكرت من خلاله ما صدر عن بعض ممثلي اللجنة المؤقتة المكلفة بتقييم عمل أعضاء الحكومة من تصاريح يتبنى مواقف لم يقع التشاور حولها وشوشت على المواقف الرسمية للحركة . وتابع "نستنكر هذا التصرف المنفرد والمريب لبعض أعضاء اللجنة المذكورة والذي انحرف بأعمال هذه اللجان غير الرسمية حيث باتت تعقد لقاءات ومشاورات وتبدي مواقف بعيدة عن الهدف الحقيقي الذي أحدثت من أجله" ، مضيفا "لذا فاننا نطالب من الادارة التنفيذية الإسراع بإنهاء أعمال هذه اللجان ضمانا للاستقرار ولوحدة الصف داخل الكتلة وهياكل الحزب ". بينما، أكد رئيس كتلة نداء تونس سفيان طوبال أنّ البيان الذي صدر بإسم كتلة نداء تونس لا يلزم الكتلة في شيء، مضيفا أنّه خلافا لما ورد في البيان الذي قدمه المتحدث بإسم حزب نداء تونس فإن الكتلة لم تجتمع ولم تصدر أي بيان . يذكر ان رئيس الحكومة يوسف الشاهد كان قد التقى صباح الثلاثاء 26 جوان 2018 بقصر الحكومة بالقصبة أعضاء مكتب اللجنة البرلمانية لحركة نداء تونس المكلّفة بتقييم عمل الحكومة. كل هذه البلبلة التي ضجت تحت قبة البرلمان، كانت سببا في تعطيل أشغاله الامر الذي تسبب في عرقلة المصادقة على عدد من مشاريع القوانين . ولعل جلسة الثلاثاء الأخير أكبر دليل على ذلك، فقد كان من المفروض أن تصادق على 4 مشاريع قوانين، إلا أنها اكتفت باثنين فقط، وتأجيل مشروعي اثنين متعلقين بقرضين، على غرار تأجيل مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب في مناسبة سابقة. وفي هذا الإطار، قال النائب عن كتلة حركة النهضة اسامة الصغير أن اليوم لا يمكن التشكيك في وجود نوع من الضبابية في مجلس نواب الشعب، وهو أمر طبيعي نتيجة تغير موازين القوى على مستوى الحكومة وبين الأحزاب. هذا التغيير أثر على مجلس نواب الشعب الذي يمثل مختلف الأطراف، وهو ما اتضخ في الجلسة العامة المنعقدة الثلاثاء. وبين الصغير أن ما حصل بين رئيس الحكومة واللجنة المنبثقة عن نداء تونس، يعتبر أمرا ايجايبا ودفع نحو الاستقرار الحكومي. ولفت في هذا الصدد إلى أن حركة النهضة تثمن مثل هذه الخطوات من أجل تسريع وتيرة المصادقة على مشاريع القوانين قبل انتهاء المدة النيابية الحالية، والاستعداد الجيد من أجل مناقشة ميزانية سنة 2019، على غرار فك معضلة الهيئات الدستورية مثل المحكمة الدستورية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. فيما طالب الصغير بضرورة فتح حوار حقيقي بين مختلف الأطراف الممثلة في البرلمان من أجل إيجاد الحلول اللازمة والنظر في المشاكل العالقة أهمها تنقيح القانون المحدث لهيئة الانتخابات من أجل تفادي المشاكل الحاصلة الآن، وضمان الانتخابات القادمة.