منذ الانتخابات التشريعية في اكتوبر 2014،شهدت الكتل السياسية في البرلمان انشقاقات واسعة في تشكيلاتها وتحالفاتها خلال االاربع سنوات الماضية أسفرت عن ولادة كتل صغيرة تعمل داخل الكتل الكبيرة او خارجها وتتعارض معها في المواقف من القضايا المطروحة، فيما تشجع اجواء التشنج السياسي حول قضايا الخلاف على ولادة المزيد من تلك المكونات السياسية الجديدة. ويجد المتابعون للخارطة السياسية في تونس أن الانشقاقات طالت جميع الكتل الرلمانية، ما عدا كتلة حزب حركة النهضة التي شهدت خروج نائبا وحيدا كان مستقلا منذ البداية وكتلة حزب الجبهة الشعبية التي لم تشهد اي انشقاقات وخروقات داخلها رغم انها متكونة من ائتلاف احزاب يسارية وكان التفكك والتلاشي من أبرز سمات المشهد السياسي التونسي، مع تنامي حدة الصراع على الحكم، وقيادة الأحزاب. وقد شهدت تونس منذ الثورة، تعاقب ستة حكومات مختلفة التوجهات الحزبية، نتيجة "الفوضى الاقتصادية والأمنية والسياسية". وشهد حزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية والرئاسية انشقاقات حيث انقسم في مرة اولى الى كتلتين، وتجميد عدد هام من قيادييه لعضويتهم، ليفقد الحزب تفوقه العددي في البرلمان لصالح "حركة النهضة" التي اصبحت الاولى عدديا وبدوره لم تسلم كتلة مشروع تونس المنشقة في مرة اولى على كتلة النداء، من الانشقاقات حيث أعلن خمسة من نواب حزب "حركة مشروع تونس" استقالتهم من الكتلة البرلمانية للحزب، ومن جميع المناصب القيادية للمكتب السياسي والتنفيذي وبهذه الاستقالة تكون كتلة "حركة مشروع تونس" تراجعت من حيث ترتيبها في البرلمان، من 19 نائبا إلى 14 نائبا، وتراجعت إلى المرتبة الرابعة بعد كل من كتلة الجبهة الشعبية ب 15 نائبا، ونداء تونس 55 نائبا، والنهضة التي تتصدر الطليعة ب 68 نائبا. وأرجع كل من النائب الصحبي بن فرج، وليلى الشتاوي، ومروان فلفال، وسهيل العلويني، وهدى سليم أسباب الاستقالة إلى "علاقة الحزب بالكتلة النيابية وآلية تسييرها واتخاذ القرار داخلها والتي تجلّت بالخصوص خلال التصويت على الثقة لوزير الداخلية"، بحسب نص البيان. تتواصل سلسلة الانسحابات والاستقالات وهذه المرة داخل كتلة حزب "آفاق تونس"، ويتواصل التساؤل حول مصير هذا الحزب الذي يبدو أنه سيشهد انقساماً حاداً قد يقود إلى إضعافه بشكل كبير، لا سيما بعد انسحابه من وثيقة قرطاج، وما تبعها من استقالة النائب وعضو المكتب السياسي كريم الهلالي. ومثلت الاستقالات الاخيرة من الكتلة بمثابة إعلان وفاة رسمية لكتلته البرلمانية داخل البرلمان، بعد موجة استقالات متتالية عصفت بالحزب وبكتلته النيابية، وسط اتهامات لرئيسه، ياسين إبراهيم، بالتفرد بالرأي، ومساع لتعيين مقربين منه في الحزب، مع تهميش باقي الأعضاء. وينص الفصل 40 من النظام الداخلي للبرلمان التونسي على أنه: "في حال نزول أعضاء أي كتلة برلمانية عن 7 أعضاء لأي سبب من الأسباب، تفقد الكتلة وجودها، ويعلن رئيس المجلس عن ذلك". في المقابل تحافظ كتلة حركة النهضة عن المرتبة الاولى ب68 نائبا في البرلمان وتحافظ كتلة الجبهة الشعبية على عدد 15 نائب حيث لم يشهدا اي انقسامات وانشقاقات كغيرهم من الكتل البرلمانية.