بقدر الجدل الذي أثاره إعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي عن مبادرة تشريعية تقر المساواة التامة في الميراث بين الجنسين كمشروع قانون جديد سيحال على البرلمان، أثار موقف حزب التيار الديمقراطي الذي تأخر مقارنة بمواقف مكونات المشهد السياسي الأخرى من هذه المسألة ضجة واسعة في صفوف التونسيين. و قد أكد التيار الديمقراطي التزامه بموقفه "المبدئي" من مسألة المساواة في الميراث عبر إقرار منظومتين تتأسسان على مبدأي المساواة في الميراث كقاعدة وحرية اختيار أحكام الميراث الواردة بمجلة الأحوال الشخصية بصيغتها الحالية. وأعلن الحزب، في هذا الإطار في بيان صدر الأربعاء 15 أوت، تعليقًا على مبادرة رئيس الجمهورية للمساواة في الميراث، أنه "لا يرى مانعًا إن اقتضت الضرورة" عرض المسألة على الاستفتاء وذلك نظرًا ل"حساسية مسألة المواريث لدى المواطن وتفاديًا لكل انقسام أو فتنة داخل الشعب التونسي". وشدّد الحزب على التزامه بالدفاع عن مدنية الدولة وديمقراطيتها وبمواصلة النضال لتحقيق أهداف الثورة الاجتماعية الديمقراطية ومن أجل التكريس الفعلي للحريات الفردية والمساواة التامة والفعلية، كما ورد في نص بلاغه. ودعا التيار إلى النأي بمسألة الحقوق والحريات عن التجاذبات السياسية والحسابات الانتخابية لإلهاء التونسيين والتونسيات عن قضاياهم الحقيقية، داعيًا أيضًا إلى فتح حوار شامل وجدي دون إقصاء أو تهميش لنقاش المسائل الجدالية حول الإصلاحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة. واعتبر الحزب أن خطاب رئيس الجمهورية يوم عيد المرأة "يعدّ منقوصًا بالنظر لما اقترحته لجنة الحريات الفردية والمساواة وفشلًا متجدًّدا في اختبار الالتزام بمبادئ الدستور". ودعا، في جانب آخر، إلى ضرورة تركيز المحكمة الدستورية في القريب العاجل وإبعادها عن كل التجاذبات السياسية حتى تقوم بدورها في ضمان علوية الدستور وحماية الحقوق والحريات. وان الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي قد صرح، الثلاثاء 14 أوت ، بأنه يجب إعادة النظر في مختلف القوانين التونسية التي تتعارض مع دستور 2014. و أضاف أنه لا يمكن البقاء ضمن الموروث القديم و ذلك في إشارة منه لأحكام الميراث الإسلامية، مؤكدا أن حزبه مع المساواة التامة في الميراث و يدعم مبادرة الباجي قائد السبسي. يذكر أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي كان قد أعلن الاثنين 13 أوت الجاري عن مبادرة تشريعية تقر المساواة التامة في الميراث بين الجنسين كمشروع قانون جديد سيحال على البرلمان التونسي للنظر فيه، وذلك في خطابه بقصر قرطاج بمناسبة عيد المرأة التونسية. وشدد السبسي في خطابه، على أنه مطالب من منطلق مسؤوليته كرئيس جمهورية على احترام ما نص عليه الدستور التونسي من مدنية الدولة وحرية الضمير والمعتقد. وأثار إعلان السبسي عرض مبادرته التشريعية حول المساواة في الميراث ردود فعل متباينة، بين مشيد بالقرار باعتباره ثوريا وتاريخيا في تكريس المساواة التامة بين المرأة والرجل وبين من وصفه بالمخجل والمتعدي على نصوص قرآنية ثابته لا مكان فيها للإجتهاد.