تتجه الانظار الى قصر قرطاج اليوم حيث ينتظر أن يحسم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الجدل بخصوص تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة التي أذن بتشكيلها منذ سنة. تونس الشروق: ومنذ سنة أكد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في خطابه بمناسبة العيد الوطني للمرأة الشروع في احداث مجلة الحقوق الفردية والمساواة التامة ايفاء بالوعد الذي قطعه سابقا حول نية اصدار مجلة الحريات الشخصية، وكلف رئيس الجمهورية لذلك لجنة ترأستها النائبة بشرى بالحاج حميدة لدراسة مسالة الحقوق الفردية والنظر في المساواة في مختلف الميادين مصرحا بان الحقوق الفردية في تونس بقيت ضحية قوانين بائدة وفي بعض الاحيان متناقضة وان دستور الجمهورية لدولة مدنية ولكن بشعب مسلم حيث لايجب الذهاب في اصلاحات تصادم الشعب التونسي وان مسألة الارث ليست مسألة دينية. اثر سنة من اطلاق مبادرة رئيس الجمهورية وقع الانتهاء من اعداد التقرير ليصدر في 12 جوان الماضي للعموم وهو تاريخ أذن ببداية تشكل مواقف من حوله اتسمت بالانقسام بين من يرى ضرورة في اعتماد جزء منه وتوسيع الحوار المجتمعي على باقي المضامين ومن يدعو الى عدم جواز النظرة الانقسامية الى منظومة الحريات غير القابلة الى التجزئة وبين من حوله الى منصة اتهام او توظيف سياسي لضرب الخصوم سواء عبر اتهام شق بتوظيفه لدواع انتخابية أو اتهام الشق الاخر بزيف المشروع الحداثي الذي يرفعونه في شعاراتهم وخطبهم ورأي اخر يدعو رئيس الجمهورية الى صرف النظر عنه اما لاعتبارات دينية حسب مواقفهم او لاعتبارات اجتماعية تتهم العمل المقدم بتفكيك الاسرة بوصفها نواة المجتمع. هذا السجال المجتمعي اتخذ اشكالا مختلفة للادلاء بالرأي والراي المخالف عبر الندوات الصحفية والبيانات الرسمية للاحزاب والمنظمات و قوى المجتمع المدني وصولا الى تجييش الشارع في المدة الاخيرة بداية بمسيرة المطالبة بالمساواة في الميراث يوم 8 مارس الماضي التي دعا اليها التحالف التونسي من اجل تحقيق المساواة في الميراث وصولا الى التظاهر يوم السبت الماضي في ساحة باردو ضد التقرير والمطالبة باسقاطه، وكل ذلك زاد في منسوب الترقب لما سيصدر اليوم عن صاحب المبادرة الاصلية رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. وقبل توجه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي اليوم بخطاب العيد الوطني للمرأة اختلفت التخمينات حول مضمونها بين من يذهب في سياق اكتفاء رئيس الجمهورية باحالة مبادرة المساواة في الميراث على مجلس نواب الشعب وتوجيه باقي المضامين الى حوار مجتمعي واسع وهذا الرأي يرتكز على بيان حزب نداء تونس امس والذي دعا إلى تعميق الحوار المجتمعي بين كل الفاعلين في الحقلين السياسي والمدني حول إصلاح المنظومة التشريعية وتطويرها في مجال الحريات الفردية تماشيا مع مبادئ الدستور وبعيدا عن المزايدات والتوظيفات السلبية المخلة بمبدإ الحوار الديمقراطي وفي ظل احترام أسس الدولة المدنية والمواطنة المسؤولة. بينما يكاد يجزم الرأي الثاني بأن الباجي قائد السبسي الذي يعرف كيف يلتقط الرسائل السياسية لا يريد التفريط في هذه اللحظة للمضي قدما في تدعيم مكتسبات المرأة على الشاكلة نفسها التي طرح من خلالها الزعيم الحبيب بورقيبة مجلة الاحوال الشخصية منذ ستة عقود خلت. وبين الموقفين تشير المعطيات القريبة من القصر أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يميل الى اختبار القوى السياسية عبر الوسائل السلمية الديمقراطية وبعيدا عن صخب الشارع حيث من المرجح ان يقرر اليوم احالة الاحكام والقواعد التي اوردها تقرير لجنة الحريات الفردية و المساواة وبشكل خاص منه مسالة المساواة في الميراث على البرلمان في شكل مبادرة تشريعية رئاسية.