بعد جدل وضجة واسعين تصدرا الشارع التونسي ومنصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام على حد سواء حول مبادرة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي المتعلقة بالمساواة في الميراث التي طرحها منذ عام بالتمام والكمال، حسم السبسي أمس الاثنين الخلاف حول ذلك. و دعا رئيس الجمهورية ، في كلمته بمناسبة عيد المرأة التونسية، مجلس نواب الشعب إلى تحويل المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة إلى قانون، على أن يكفل القانون حرية من يريد أن يحافظ على تطبيق الشريعة في الميراث. وجاءت دعوة السبسي ، بعد أن دعا العام الماضي إلى تكوين لجنة لبحث أوجه المساواة بين الجنسين، وقضايا أخرى متعلقة بالحريات الفردية. واعتبر قائد السبسي أن مجلة الأحوال الشخصية التي تم إنجازها بعد استقلال البلاد ، هي "أهم إنجازات القرن العشرين، ليس في تونس فقط وإنما في المنطقة كلها، لأنها قادت المرأة إلى التغيير، وكانت بمثابة الثورة الأولى، ويحق وصفها بأنها دستور المجتمع". وتابع رئيس الجمهورية أن "ثورة الحرية والكرامة قادت إلى انتخابات 2011، وجاءت بنتائج احترمناها أدت إلى كتابة دستور 2014، وتؤكد فصوله على أن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون، وأن المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات من غير تمييز، وأن الدولة تتكفل بحماية الحقوق والحريات، وحماية حقوق المرأة. مرجعيتنا إذا هي الدستور الذي يمثل إرادة الشعب" على حد قوله. من جانب آخر، فيما يتعلق على الجدل الحاصل حول تقرير لجنة الحريات الفردية ، والتظاهرات التي شهدتها عدة مدن ضدها، شدّد السبسي على أن "هناك أخذ ورد بخصوص اللجنة وتقريرها. الشعب التونسي شعب مسلم، وهو أمر ينبغي مراعاته دون استفزاز لمشاعره، وتكوين اللجنة جاء لمراعاة هذا الأمر، واللجنة قامت بواجبها على أحسن وجه، ونشرت تقريرها للعموم، وهو جهد فكري وقانوني وفني قابل للنقد، وسعت اللجنة إلى لقاء كل الأحزاب، ولكن بعضها رفض ذلك". كما لفت الباجي قائد السبسي إلى أنه سيقترح على البرلمان، بناء على الدستور وليس على مرجعيات أخرى دينية أو غيرها، "تغيير أحكام مجلة الأحوال الشخصية، والمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، ولكن إذا أراد المورث تطبيق الشريعة فله حرية ذلك أيضا". وتعدّ مسألة المساواة في الميراث من بين النقاط الخلافية الرئيسية في التقرير الذي أعدته لجنة الحريات الفردية والمساواة التي بدأت أعمالها بتكليف من الرئيس نفسه في أوت من العام الماضي للنظر في عدد من المسائل الجدلية المتعلقة بالحريات. و في خطوة احتجاجية على ما ورد في تقرير لجنة الحريات، احتشد آلاف التونسيين يوم السبت أمام مجلس النواب احتجاجا على محتوى التقرير الذي أثار جدلا واسعا بسبب تناوله مواضيع حساسة مثل المساواة في الميراث وإلغاء عقوبة الإعدام وعدم تجريم المثلية الجنسية.