الخطوط التونسيّة تتّجه نحو الإصلاح, تحسّن متوقّع في وضع الخطوط التونسيّة, اصلاحات منتظرة للناقلات الجويّة التّونسية… عناوين سمعناها و قرأناها وعايشنا تناقضها مع الواقع, إذ لم نرى تغييرا وحيدا يلامس هذه المؤسّسة الوطنيّة. ولعلّ أكثر العناوين طرفة, ما سمعناه خلال موسم الحجّ هذه السّنة, حول تسجيل الخطوط التونسيّة ارتفاعا ملحوظا على مستوى الرّحلات!! وكأن دفعة حجيج هذه السّنة، هي الأولى في تاريخ تونس. برهان تناقض الشعارات وواقع المؤسّسة, تأخر الرحلات لحدّ اللحظة وتفضيل المسافرين للخطوط الأجنبية لجودة خدماتها ودقّة مواعيدها واستثناء تأخرها. بيد أن بعض رحلات الشركة الوطنيّة تتأخر 8 ساعات, وبعضها تأتي في موعدها ليجد المسافرون أنفسهم في طوابير انتظار تفتيش الحقائب, تفتيش يدويّ, رغم وفرة العمّال, تدوم العمليّة ساعات حتى تقسم ألف مرّة أن لا تعيد الكرّة. أَسباب تعطّل خدمات الخطوط التونسيّةحسب المصادر: إنّ ما وصلت إليه الشركة في السنوات الأخيرة ناتج عن اغراقها بالتعيينات بعد الثورة. اذ وقع ادماج 1200 عامل في فترة مابعد الثورة ممن كان لهم مشاكل مهنية و وقع طردهم أو كانوا تحت المناولة و وقع ارجاعهم رغم عدم حاجة الشركة إلى خدماتهم وليس لهم أية مهام تذكر. في جميع أنحاء العالم المفروض أن كل طائرة لها بين 80 و 100 موظف أما في تونس فكل طائرة لها 165 عامل وهذا ما يربك توازنات الشركة .وباتت كتلة الأجور في الشركة تمثل 130 بالمائة من مداخليها بعد أن كانت توفر 50 للميزانية 40 و50 مليار للمجمع وهذا ما أدى إلى الأوضاع التي وصلت إليها "التونيسار". إنّ مشكل تأخر الرحلات خلال موسم الذروة ليس بجديد. لكنه برز أكثر هذه الصائفة لعدة أسباب أولها تلاقي عدة مواسم وتظاهرات كبرى منها كأس العالم لكرة القدم وعودة الجالية الى تونس ورحلات الحجيج الى جنب التدفق السياحي الاستثنائي هذه الصائفة مقارنة بالأعوام الأخيرة والذي جعلنا لا نتمكن من تلبية نحو ٪40 من الرّحلات. وفي خضم هذا الوضع اضطرّت الشركة الى الرفع من مدة استغلال الطائرات التي تشتغل بوتيرة تسع ساعات في اليوم مقابل 7 ساعات فوق العادة, لتأمين أكثر من 120 رحلة يوميا. أيضا تقادم الأسطول في ظل تجاوز معدل عمر الطائرات 18 سنة يفرض إخضاعها يوميا الى مراقبة مزدوجة تتسبّب في تأخير بعض الرحلات. ويجدر بالذكر, أنه في خضم التحولات التي تشهدها الملاحة الجوية على الصعيدين الاقليمي والعالمي الى جانب النمو الاقتصادي السريع للمنطقة الافريقية فإنّ التحدّي الذي يجب أن تخوضه الخطوط التّونسية هو تدارك وضعها اللامحتمل وتدعيم موقعها كأول سوق طيران, يؤهلها موقعها الجغرافي كي تكون من أهم مناطق الربط الجوية على الصعيد العالمي. في الأخير, يبقى النهوض بالناقلة الوطنية مسؤولية مشتركة تتطلب تكاثف جهود مختلف الأطراف من هيئات دستورية وسلطة تنفيذية ومجتمع مدني من أجل المحافظة عليها وإكسابها القدرة على التموقع ومجابهة المنافسة الشرسة التي يشهدها مجال النقل الجوي خاصة بعد المصادقة المبدئية على اتفاق السماوات المفتوحة مع الإتحاد الأوروبي.