لا يزال صدى الإقالات المفاجأة صلب وزارة الطاقة التي أعلن عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال اليومين الأخيرين متواصلا، لاسيما وقد جاءت مرفوقة بفضيحة شبهات فساد ورشوة. واختلفت ردود الأفعال تجاه قرار رئيس الحكومة المفاجئ، و انقسمت الساحة بين مؤيدين لاستئناف الشاهد الحرب على الفساد، وبين من يعتبرونها تصفية حسابات وسعي لخدمة صورته قبالة الشعب. وقد أكد الشاهد ، في تصريح اعلامي بعيد قرار الإقالة مباشرة، أنه ماضٍ في حربه على الفساد "التي لن تستثني أحدًا"، مشيرًا إلى أنه "لا يخشى إلا الله، والشعب صاحب السيادة على ثرواته التي يجب أن تعود إليه". وكان رئيس الحكومة قد التقى مباشرة، إثر إعلان قرار إعفاء وزير الطاقة، رئيس هيئة مكافحة الفساد، شوقي الطبيب، في إشارة إلى مضيه في حربه على الفساد إلى أقصاها، بالتنسيق مع أجهزة الدولة والهيئات الدستورية. و حظي الشاهد بمساندة شعبية واسعة وتأييدا سياسيا كبيرا، في ظل تفشي الفساد في جل اركان الدولة. كما لقي دعما من مدونين وإعلاميين اعتبروا القرار صائبًا حتى لو جاء متأخرًا، في وقت عابوا عليه عدم تفطنه لملف الفساد منذ توليه الحكومة منذ سنتين. في المقابل، اعتبر بعض معارضي الشاهد أنه كان على علم بملفات الفساد ويستغلها في صراعه السياسي ضد من يريدون إطاحته في قصر قرطاج، وفي حزبه "نداء تونس". وفي تعقيبه على ذلك، اعتبر مؤسس حزب التيار الديمقراطي محمد عبو، أن "الشاهد موفّق في هذه القرارات، إلّا أنها جاءت متأخرة، خصوصًا أنه على علم بشبهات الفساد المنوطة بالأشخاص المقالين"، حسب تعبيره. وأضاف عبو، في تصريح صحافي، أن هذه القرارات التي وصفها ب"الشعبويّة " لن تخرجه من المأزق الذي هو فيه، وفق تقديره، مشيرا الى "أنها تستوجب هدوءاً أكثر ورصانة، وكان عليه على الأقل إعداد وزير آخر بالنيابة قبل التصريح بإلغاء الوزارة". هذا وأكد عبو ضرورة أن تطاول هذه الإقالات وزراء آخرين يشتبه في تورطهم بالفساد. وفي سياق متصل، اعتبر القيادي بحزب "حراك تونس الإرادة"عماد الدايمي، في تدوينة له على صفحته في فايسبوك أن القرار "خطوة تصعيدية تكتيكية بمثابة إعلان حرب حقيقي ضد الباجي قايد السبسي شخصيًا". وأضاف الدايمي ان "ظاهر القرار غزوة خاطفة من رئيس الحكومة في إطار حربه المعلنة ضد الفساد، وباطنه ضربة تحت الحزام للباجي قايد السبسي، لفرض شروط الإذعان، أو في إطار (نتغدى به قبل ما يتعشى بيا)". وعرج الدايمي بالحديث عن علاقة للرئيس السبسي بشبهة الفساد زمن توليه الحكومة بعد الثورة 2011، إذ اطلع على ملف التلاعب والفساد، وأنه "على علم به"، مشيرًا إلى أنه "متورط في الملف"، على اعتبار أن شقيق الرئيس هو الممثل القانوني لشركة متورطة في الملف، ومقرها مكتب المحاماة الخاص بالرئيس الحالي، وفق قوله، معتبرا أن قرار الشاهد يأتي على الغالب كخطوة تصعيدية تخويفية للباجي وجماعته قبيل انطلاق الموسم السياسي الجديد.