مع أنه لا وجود لأي مؤشر يدلّ على عدم جاهزيّة البلاد من النواحي الأمنية والسياسية واللوجستية لتنظيم إستحقاقاتها الرئاسية والتشريعية القادمة في سنة 2019 المقبلة إلاّ أن الموضوع طرح بقوّة وبشكل ما في الفترة الأخيرة رغم الإشادة الدولية والإقليمية بنجاح تنظيم الإنتخابات البلدية الأولى من نوعها في البلاد منذ تسع سنوات في مطلع شهر ماي الفارط. عودة الحديث بشكل ما عن تأجيل إنتخابات 2019 واجه هذه المرّة شبه إجماع من السلطة والمعارضة على عدم المساس بتواريخ ومواعيد الإستحقاقات الكبرى التي تنتظر البلاد وتتالت المواقف الرافضة لأي حديث عن التأجيل بين من إعتبر ذلك عبثا ومن إعتبره تهديدا للتجربة الديمقراطية الناشئة في البلاد وإساءة لصورتها. القيادي في حركة النهضة سمير ديلو أكّد في تصريح إذاعي أن الحديث عن فرضية إمكانية تأجيل انتخابات 2019 هو من قبيل العبث وقال "مجرد الحديث عن عدم جاهزية البلاد لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية هو من قبل العبث". وتابع متحدّثا " الانتخابات يجب أن تُنظم في موعدها ..وستنظم في موعدها رغم كل العوائق على غرار عدم انتخاب رئيس هيئة جديد بعد تقديم محمد التليلي المنصري لاستقالته. من جانبه، أعرب الاتحاد الوطني الحر عن رفضه "الدعوات لتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة"، معتبرا أنّها "محاولات لتكدير الوضع السياسي والاجتماعي في تونس". وحذّر الوطني الحر في بيان صادر عنه أمس الأحد 2 سبتمبر 2018 من نشر ما أسماه ب"أفكار غير مسؤولة من شأنها المسّ بصورة تونس في الخارج"، مشدّدا على أنّ "الاستحقاق التشريعي والرئاسي القادم هو فرصة للتقييم والإصلاح والعودة الى المواطن ليجدّد الشرعية لمن يراه مناسبا باعتبار ذلك حقّا لا يجب سحبه منه تحت أيّة ذريعة". وعبّر البيان عن استغراب الحزب من "المقارنات بين تأخير الانتخابات البلدية الماضية واستحقاق 2019′′، لافتا إلى أن "التأخير الذي سُجّل في البلديات كان بغرض استكمال مقوّمات أول ديمقراطية محلية بعد الثورة من مجلة جماعات محلية وتسخير الإمكانات التنظيمية واللوجستية والقضائية الكفيلة بإنجاح الانتخابات". ودعا "الكتل الكبرى بالبرلمان وخاصة كتلة الائتلاف الوطني وكتلتي حركة النهضة ونداء تونس الى العمل سويّا لإنجاح المحطة الانتخابية المقبلة واستكمال تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتركيز المحكمة الدستورية". في نفس السياق أيضا أكد حزب حراك تونس الارادة رفضه فكرة تأجيل انتخابات 2019، متمسكا بتطبيق الدستور بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في آجالها كل خمس سنوات وأعرب في بيان أصدره الاثنين، عن ادانته بشدة لما وصفها بمناورات رئيس الجمهورية بخصوص فرضية تأجيل الإنتخابات، مشيرا الى أن السلطة الحالية تفقد كل شرعيتها حين يدقّ جرس الخمس سنوات القانونية التي تكرس التداول الديمقراطي على السلطة. واعتبر الحزب الذى يرأسه رئيس الجمهورية السابق منصف المرزوقى، أن طرح الموضوع في حد ذاته هو مسألة خطيرة تمس من سيادة الشعب ومن حقوقه الدستورية في اختيار ممثّليه في الحكم بطريقة ديمقراطية وتطيل من أمد الأزمة الاقتصادية والسياسية الحالية. ودعا القوى الديمقراطية إلى التصدي لهذه المناورة التي تضاف لعديد المناورات لرئيسٍ يتضح اليوم فشله في كل الميادين ودوره السلبي في الازمة الاقتصادية الخانقة وفي ضرب وحدة التونسيين واستقلال البلاد وأصبح رحيله ضرورة لتجدد مسار النهوض السياسي والاجتماعي والاخلاقي، وفق نص البيان. "