بالتّزامن مع إعادة تشكيل المشهد البرلماني والسّياسي قبل بداية السنة السياسيّة الجديدة, والتّجاذبات الحاصلة في الطبقة السّياسيّة, قام مكتب مجلس الشّعب بإعداد برنامج للجلسات البرلمانيّة, قدّمه لرئيس الجمهوريّة قبل إفتتاح آخر دورة برلمانيّة قبل الإنتخابات الرئاسيّة 2019. ومن أهمّ الملفّات المطروحة على مجلس الشّعب هذه الدّورة, تركيز بقية المؤسسات الدستورية على غرار المحكمة الدستورية وانتخاب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وفي ظلّ التّجاذبات والتّغيير الذي تشهده الخارطة السّياسيّة, كيف ستمرّ مشاريع القوانين للمصادقة عليها؟ يبدو أنّ عودة النواب إلى البرلمان من جديد, ستكون محملة بجملة من الأسئلة الشفاهية والكتابية لأعضاء الحكومة في إطار ممارستهم لدورهم الرقابي, وذلك بعد معاينة عدد من النواب لجهاتهم خصوصا في ما يتعلق بالإستعداد لفصل الشّتاء في المناطق التي دائما ما تشهد فيضانات, إلى جانب عدد من المواضيع ذات الصلة كالبيئة والصحة والعودة المدرسية وتأمين عودة الجالية التونسية إلى الخارج, التي قد يتم التركيز عليها أيضا في مناقشة أبواب الميزانية بحضور الوزراء المعنيين بالأمر. قد يضع مكتب المجلس خطة إستراتيجيّة من أجل إنهاء كافة مشاريع القوانين خلال السنة الأخيرة من أشغاله, وذلك من أجل إضفاء مزيد من النجاعة على العمل البرلماني بإحكام التخطيط المسبق والمتابعة المتواصلة والضغط أكثر على أجال دراسة مشاريع القوانين. في المقابل, توجد توقعات بأن تكون سنة نيابية صعبة بعد إمكانيّة إنضمام نداء تونس إلى المعارضة, والذي سيُخلّف فراغا على مستوى الإئتلاف الحاكم. ورغم تشكيل كتلة الائتلاف الوطني والتي تتكون من كتلة الاتحاد الوطني الحر والكتلة الوطنية رفقة نواب مستقيلين عن كتلة مشروع تونس يفوق عددهم الخمسة والنواب المستقيلون من آفاق تونس, وهي كتلة داعمة للإستقرار الحكومي, إلا أنّ بقاء نداء تونس في الإئتلاف الحاكم مهم جدا في المرحلة الحاليّة. إنضمام نداء تونس إلى المعارضة قد يزيد من حدة الخلافات بين الكتل الكبرى بما سيغير المشهد البرلماني جذريا. كتلتان كبيرتان من حيث التمثيلية قد تشهدان عديد التصدعات خصوصا وأن كتلة الائتلاف تعتبر مساندة نوعا ما لحكومة يوسف الشاهد, على عكس الأخرى التي تطالب برحيلها. تماسك حركة النّهضة و صمودها وسط هذه العاصفة, يجعلها مرّة أخرى الضامن لعنصر الإستقرار, خاصّة داخل قبّة البرلمان التي ستصبح في قادم الأيّام كحلبة صراع, من أجل المرور إلى إنتخابات 2019 بأكثر رصيد من المواقف والقوانين الدّاعمة. وسط مشاحنات المصالح السّياسيّة, يجب على مجلس النّواب أن يتحلّى بالمسؤوليّة, والحياد الممكن من أجل المرور بأخفّ الأضرار من هذه المرحلة الخانقة، والخروج من المأزق السياسي الذي تعيشه تونس, يتطلّب من كلّ الأطراف الفاعلة في الساحة الوطنية التحلّي بالحكمة والرصانة والجنوح إلى الحوار والتّشاور, لمعالجة المشاكل القائمة وتجنيب البلاد الوصفات الخاطئة التي لن تؤدّي إِلَّا إلى مزيد تعكّر الأوضاع وتأزّمها.