منذ إعلان المركزية النقابية عن إقرارها للإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام وتحديد يومي 22 و 24 أكتوبر 2018 موعدا لتنفيذه، لم تهدأ الساحة و تواترت التصريحات والتصريحات المضادة خاصة وان هذا القرار جاء تزامنا مع مرور البلاد بأوضاع جد حساسة على جل الأصعدة (سياسيا، اقتصاديا، اجتماعيا… ) . و لئن جاء قرار الاتحاد العام التونسي للشغل حاسما، وفق ما ورد على ألسنة قياداته، فإن وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي صرح السبت 22 سبتمبر 2018 "أعتقد أنّنا لن نصل إلى الإضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام". ورجّح الطرابلسي أن يتمّ خلال الأسبوع القادم استئناف جلسات الحوار بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، وفق تصريح له نُشر بجريدة "الشروق" في عددها الصادر اليوم. وأكّد أن "المجال ما يزال متاحا للتوصل إلى اتّفاق بين الطرفين على الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية والقطاع العام". وأضاف أن نسبة الزيادة التي ستتوصّل إليها المفاوضات ستكون موّحدة لكل أعوان الدولة، لافتا إلى أنّه ستتمّ مناقشة الجانب الترتيبي للقطاع العام صلب المؤسسات العمومية حالة بحالة مثلما جرت العادة في المفاوضات الاجتماعية. وزير الشؤون الاجتماعية أكد سعي الحكومة لحماية القدرة الشرائية لكل الشغالين، مشيدا بما أسماها "خطوة هامة" تمثّلت في الإمضاء على اتفاق الزيادة في أجور أعوان القطاع الخاص لسنتي 2018 و2019. وأشار إلى المبادرات التي اتخذتها الحكومة لتحسين المناخ الاجتماعي من ذلك تسوية وضعيات المعلّمين والأساتذة النواب وتمتيع 40 ألف عائلة إضافية بمنحة الدولة والعلاج المجاني رغم "ضغوطات المالية العمومية". و في تعليقه على قرار الاضراب العام، قال الناطق الرّسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري ، في تصريح اعلامي الجمعة 21 سبتمبر 2018، إن "الحركة تدعو إلى تغليب لغة الحوار في كافة الأمور المتعلقة بالدولة التونسية في الوقت الراهن" وأنّها "على تواصل مستمر مع الاتحاد العام للشغل من أجل تغليب لغة الحوار على دعوات الإضراب التي دعا إليها الاتحاد". وأضاف الخميري أن "الإضراب سيضر بالاقتصاد التونسي وبالمواطن وبالدولة عامة"، وأن "الحركة تسعى لتفاهم بين الحكومة والاتحاد بقيادة نور الدين الطبوبي من أجل التراجع عن قرار الإضراب في التواريخ التي حددها الاتحاد لما لها من أضرار بالغة" حسب ما نقلت عنه وكالة سبوتنيك الروسية. وأكد أن "موقف النهضة لم يتغير حتى الآن بشأن الإبقاء على الاستقرار الحكومي، وتجاوز مرحلة الخلافات إلى مرحلة النقاش والتوافق الذي يعبر بالبلاد إلى الاستقرار". في المقابل ، اعلن محسن مرزوق الامين العام لحركة مشروع تونس ان من حق الاتحاد العام التونسي للشغل استخدام كل الاشكال النضالية للدفاع على منخرطيه بما فيها الاضراب، ما معناه مساندته الضمنية لإعلان المنظمة الشغيلة إقرارها الاضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام المزمع تنفيذه 22 و24 اكتوبر 2018 . يذكر أن الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل المنعقدة يوم أمس الخميس كانت قد قرّرت تنفيذ إضرابين عامين في القطاع العام يوم الأربعاء 24 أكتوبر 2018 والوظيفة العمومية يوم الخميس 22 نوفمبر 2018. وقال الطبوبي "إن الاتحاد منظمة مسؤولة ولذلك فهي تقف دائما إلى جانب أبناء شعبها في المحن التي يمرّون بها"، مُشيرا إلى أنّ الاتحاد سيعقد ندوة صحفية قال إنه سيتم الإعلام بموعدها بداية الأسبوع القادم، لمزيد توضيح الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار الإضراب. وأوضح أن "الهيئة الإدارية للاتحاد اتخذت هذا القرار بعد تقييمها الوضع السياسي وتداعياته على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مما تسبّب في تعطّل مؤسسات الدولة بالإضافة إلى الارتفاع المشط وغير المسبوق للأسعار ولا سيما في ما يتعلّق بالمواد الأساسية دون رقابة من قبل الدولة لمسالك التوزيع أو إيقاف المهربين والتصدي للاقتصاد الموازي، فضلا عن عدم تحقيق العدالة الجبائية". وجاءت الدعوة إلى الإضراب العام في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء يوسف الشاهد ضغوطا من حزبه نداء تونس للتنحي بدعوى الفشل في إنعاش اقتصاد البلاد العليل، وقد جمدت الهيئة السياسية للحزب الحاكم قبل أيام عضوية الشاهد بعد رفضه الإجابة عن استجواب داخلي للحزب يتهمه فيه بالخروج عن خط الحزب والعمل على شق وحدته.