يتبنّى نداء تونس خلال هذه المرحلة الصّعبة التي يمرّ بها “سياسة الهروب إلى الأمام”، مما يعني تجاهل الأزمة ونفي وجود مضاعفات وعدم تشخيص العلل، والذّهاب إلى الأمام. فالجميع يعلم مايعانيه النّداء من تشتّت هيكلي وهشاشة كتلته النيابيّة جرّاء الاستقالات المتتالية، وبالرّغم من تجربة اندماج الاتّحاد الوطني الحرّ في النّداء فإنّ الوضع لم يتحسّن ولم تشهد الازمة انفراجا. أصدرت مجموعة من تنسيقيّات نداء تونس، أمس الأحد 28 أكتوبر 2018، بيانا نحت عنوان نداء القواعد، على اثر مآلت إليه أوضاع الحزب، من تردّ ومن عبث سياسي تجسّم في قرارات مسقطة وارتجاليّة تكشف مدى الوهن والضّعف والانحراف عن الخطّ المؤسّس، حسب تعبيرهم. ندّد بيان نداء القواعد بكلّ محاولات السّطو على الحزب وتركيز غرباء لا يمتّون بصلة إلى مرجعيّته الفكريّة، حسب لسان البيان. كما عبّر قواعد النّداء عن رفضهم لكلّ القرارات الصّادرة بشأن هذا الاندماج واعتبروها لاغية وشدّدوا أنّهم غير ملزمين بها ولن يعملوا بمخرجاتها. كما جاء في بيان نداء القواعد لنداء تونس، دعوة لتعجيل الخطوات نحو عقد المؤتمر الأوّل للحزب وانتخاب قيادة جديدة للحزب تمثّل قواعده بطريقة ديمقراطيّة، ورفع التّجميد عن رئيس الحكومة يوسف الشّاهد، ودعوته لإنقاذ الحزب. في المقابل قيادة النّداء الممثّلة في سليم الرياحي أصدر بيانا تصعيديّا بخصوص تشكيل الحكومة والتّحوير الوزاري، بعد اعلان رئيس حركة النّهضة راشد الغنّوشي دعم حكومة يوسف الشّاهد والعمل على توفير أغلبيّة مريحة لتمريرها، وجّه سليم الرياحي دعوة للقوى الديمقراطيّة للانضمام إلى نداء تونس لتشكيل حكومة لا تُمثّل فيها النّهضة. بيانان متناقضان في يوم واحد، من نفس الحزب، مما يترجم التناقض بين قيادة النّداء وقواعده، ففي حين دعت القواعد إلى التّمسّك بيوسف الشاهد، رفضت القيادة بقائه وجمّدت عضويّته، وبينما رفضت القواعد عمليّة دمج الاتّحاد الوطني الحرّ، صدر بيان النّداء تحت امضاء سليم الرّياحي. تناقض كبير قد يأخذ النّداء إلى نقطة فاصلة بين القيادة وقواعده، لتصبح سياسة الهروب إلى الأمام مستحيلة دون هياكل تدفع الحزب إلى الأمام.