كثيرة هي التقارير المحليّة و الدولية ، التي تحذر من استفحال ظاهرة الفساد في تونس ، فلا يمرّ أسبوع حتى يصادفك رقم يترجم مدى استفحال الظاهرة و انتشارها و بالرغم من ترسانة القوانين المشرعة لمحاربة هذه الآفة كقانون “حماية المبلغين عن الفساد” و ” من أين لك هذا” و “قانون التصريح بالمكاسب و مكافحة الاثراء غير المشروع” إلاّ أن نتائج محاربة الفساد لم تصل بعد إلى الحد المطلوب. و اليوم استفحلت هذه الظاهرة و تغولت و ضربت كل القطاعات من أكبرها إلى أصغرها و لم يعد للفساد عنوان واحد بل تعددت عناوينه واختلفت مسمياته ما أدى الى نخر الاقتصاد و خلخلة أسس الدولة . و من هذا المنطلق، اقترحت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد على رئاسة الحكومة احداث جهاز تنفيذي يختص في اجراء تحقيقات في مكافحة الفساد. وبحسب مصادر إعلامية، اقترح رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب على رئيس الحكومة يوسف الشاهد احداث “شرطة مكافحة الفساد” تختص في التحقيق في جرائم الفساد وتكون تابعة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. وقدمت هيئة مكافحة الفساد هذا المقترح لرئاسة الحكومة منذ الاعلان عن اطلاق ما سمي ب “الحرب على الفساد” وايقاف عدد من الاداريين و التجار والمهربين الذين تتعلق بهم شبهات فساد اداري ومالي. و بحسب ذات المصدر، لم ترفض رئاسة الحكومة مقترح “احداث شرطة مكافحة الفساد” لكنها طلبت تأجيل المسألة الى وقت لاحق مبررة قرارها بأن احداث جهاز يختص في التحقيقات في جرائم الفساد يتطلب امكانيات مالية هامة واجراءات كثيرة تتعلق بتكوين أعوان في مقاومة كل مظاهر الفساد. و أظهرت نتائج استطلاع الأفروباروميتر لمدركات الفساد التي قدمتها مؤسسة one to one بداية شهر أكتوبر أن ثلثي المستجوبين (1200 مستجوب) صرّحوا أن مستوى الفساد قد ازداد خلال العام الماضي. واحتل الفساد المرتبة الثالثة في أهم المشاكل التي تواجه البلاد من منظور التونسيين بعد إدارة الاقتصاد والبطالة لتكون الجريمة والأمن في المرتبة الرابعة ثم التعليم والفقر والصحة والاستقرار السياسي والبنية التحتية وتحتل الديمقراطية المرتبة الاخيرة بنسبة 3%. وأفاد 64% من المستجوبين أن أداء الحكومة في مكافحة الفساد سيء جدا أو سيء إلى حد ما ووصف67% منهم الجهود الحكومية في مكافحة الفساد بالسلبية منذ 2013. وإجابة عن سؤال من هم المتورطون في الفساد حسب التونسيين؟ احتل موظفو الحكومة المرتبة الأولى بنسبة 31% ثم أعضاء البرلمان 30% ثم رجال الأعمال 28% وأعضاء المجالس الحكومية المحلية 27% ثم رئيس الجمهورية والمسؤولون في مكتبه بنسبة 25% والشرطة 23% ورجال الدين 18% ثم القضاة والسلطة القضائية بنسبة 16%وواخيرا النقابيون بنسبة 16%.