مع توسّع دائرة الحرية اللاّمشروطة و انكماش الضوابط الأخلاقية والقوانين الرادعة اتسعت نوافذ المشاحنات السياسية المتخمة بالحقد على الآخر و بات الاعلام بمختلف قنواته المتعددة مركزا رئيسيا لبث الكراهية و المحطة الأشمل لنقل المعارك الطاحنة و التحريض الاعمى للاستفزاز و الاقصاء في ظل غياب ملحوظ لاعلام مهني يحتكم للحرفية و الموضوعية و باب الشغل الشاغل للمنشطين و الاعلاميين الرع من نسبة المشاهدة مهما كلف الأمر ، فتحولت البرامج الاعلامية من برامج مؤطرة تخضع لضوابط قيمية إلى حلبة صراع تجمع سياسيين برُتبة ملاكمين. خطاب مشحون،كلام فظّ و غيره من أساليب التشاحن وجد طريقه للنخب و العوام ، فلا يكاد يمر يوم حتى يصادفك أمرّ الكلام و أشدّه سماجة من أعلى السلم الاجتماعي الى اسفله من المثقفيين إلى الاميّين و ما بينهما ، فلا تكاد تميز بين سياسي و بين البلطجي، و بين هذا و ذاك يقف المُنشط مستمعا منتشيا بنسب المشاهدة الآخذة في الاتساع ، فكل لفظ سيّء بالنسبة له باب للارتزاق و الشعب بعوامه لا ينتظر خطابا حكيما منمقا بقدر ما ينتظر معركة تأتي على حين غفلة ، حتى بات الصراع بين السياسيين منفذا من نوافذ الانتشاء و مصدرا كفيلا برفع نسبة المشاهدة الى أقصاها. طيف واسع من المختصين يحمّل ظهور هذا الخطاب الى وسائل الاعلام المرئية التي باتت تعمل على تزكية هذا الخطاب و اذكائه للرّفع من نسبة المشاهدة فيما يؤكد آخرون ان بعض الكيانات السياسية تتخذ من الصراع و العنف مهربا لتوراي ضعفها و ضعف مخزونها الانتخابي . و دخل القيادي في حزب نداء تونس عبد العزيز القطي في شجار مع الكرونيكور في الحوار التونسي شكيب درويش . ووصف القطي شكيب درويش بانه خوانجي وبان مرجعه الإخوان المسلمين في حين رد درويش انت دافعت عن شفيق جراية في البرلمان رغم تورطه في ملفات فساد. وتحدى شكيب درويش عبد العزيز القطي بإخراج وزراء النداء من حكومة يوسف الشاهد. و يرى المختصون في الشان الاعلامي أن البلاتوهات التلفزية تحولت و بشكل تدريجي إلى منابر للصراخ تُتيح للسياسيين و المسؤولين من الفضاء الواسع ما يسمح بممارسة كل اشكال التعنيف و النّواح !