في خطوة نحو الحوار من أجل المصالحة، أعلنت الجزائر أنها راسلت بصفة رسمية الأمين العام لاتحاد المغرب العربي من أجل تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد “في أقرب الآجال”، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية. وقد أصدرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، بيانا أكّدت فيه أن هذه المبادرة “تنم مباشرة من قناعة الجزائر الراسخة، والتي عبرت عنها في العديد من المناسبات، بضرورة إعادة بعث بناء الصرح المغاربي وإعادة تنشيط هياكله”، “وتأتي كذلك امتدادا لنتائج القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الأفريقي المنعقدة في 17 و18 نوفمبر 2018 حول الإصلاحات المؤسساتية للمنظمة القارية، والتي أولت اهتماما خاصا لدور المجمعات الاقتصادية الإقليمية في مسارات اندماج البلدان الأفريقية”. وربطت الصحافة المغربية والجزائرية بين هذه الدعوة وبين مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس، حيث دعا الملك محمد السادس لاحداث آليّة للحوار بين الجزائر والمغرب رغم غياب مؤشّرات تحوّل جوهري في الثوابت التي تحكم العلاقات بين البلدين. وكان العاهل المغربي قد جدد، قبل أيام، استعداد بلاده “للحوار المباشر والصريح” مع الجزائر، مقترحا، في هذا السياق، إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور. وتعتبر دعوة المغرب إلى حوار مباشر مع الجزائر، ليست الأولى من نوعها، فقد سبقتها دعوات من العاهل المغربي نفسه في خطابات ومناسبات سابقة، دعا فيها إلى حوار ثنائي بين البلدين لتبديد الخلافات وحلّ معضلة الصّحراء.كما سبق له أن دعا إلى فتح الحدود البرية المغلقة بين الدولتين منذ 199، بعد تفجيرات فندق أطلس أسني في مراكش، التي وجّه فيها المغرب اتهامات للجزائر بالوقوف وراء التفجير الإرهابي. وأكّد الملك محمد السادس في خطابه الأخير، أنّ الدّعوة ليست الأولى من نوعها بقوله: “طالبت منذ توليت العرش بصدق وحسن نية، بفتح الحدود بين البلدين، وبتطبيع العلاقات المغربية الجزائرية”، مضيفاً: “اعتباراً لما نكنّه للجزائر، قيادةً وشعباً، من مشاعر المودّة والتقدير، فإننا في المغرب لن ندّخر أيّ جهد من أجل إرساء علاقاتنا الثّنائية على أسس متينة من الثّقة والتّضامن وحسن الجوار”. والجديد هذه المرّة في الدّعوة المُتكرّرة لملك المَغرب إلى “الأشقاء الجزائريين”، هو حديثه لأوّل مرّة عن إرساء آلية سياسية تتكفل بهذا الحوار، بعدما كانت دعواته إلى الحوار في مناسبات سابقة عامة، كانت تردّ عليها الجزائر بدبلوماسية دون أن يتم تنزيلها إلى أرض الواقع. ويجدر بالذّكر، أنّه قد سادت المغرب أجواء احتفال بعد التفاعل الايجابي من الخارجيّة الجزائريّة مع دعوة الحوار المباشر، ليس فقط لأسباب وأهداف سياسية، سواء تعلق الأمر بنزع فتيل التوتر أو الرغبة في التعاون الأمني، بل أيضاً لغايات اجتماعية واقتصادية لها مرامٍ استراتيجية، باعتبار أن البلدين قوتان أفريقيتان وسيتبدل الكثير لو وحّدتا جهودهما لمواجهة التحديات.