دعت حكومة الجزائر الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، التونسي الطيب البكوش، إلى عقد اجتماع لوزراء الخارجية، بغرض بحث سبل تفعيل هياكل المنظمة الإقليمية المعطلة منذ أعوام، أيامًا بعد مبادرة شبيهة طرحها العاهل المغربي محمد السادس. الجزائر (الشروق) وراسلت الجزائر رسميا الأمين العام لاتحاد المغرب العربي من أجل تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية للاتحاد «في اقرب الآجال»، حسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية وصلت نسخة منه ل»الشروق». وأكد البيان أن «الجزائر راسلت رسميا الأمين العام لاتحاد المغرب العربي لدعوته الى تنظيم اجتماع لمجلس وزراء الشؤون الخارجية لاتحاد المغرب العربي في اقرب الآجال», مضيفا ان «وزراء شؤون خارجية البلدان الأعضاء قد تم اطلاعهم على هذا الطلب». وأوضح ذات البيان أن هذه المبادرة «تنم مباشرة من قناعة الجزائر الراسخة و التي عبرت عنها في العديد من المناسبات بضرورة إعادة بعث بناء الصرح المغاربي وإعادة تنشيط هياكله». كما تأتي «امتدادا لنتائج القمة الاستثنائية الأخيرة للاتحاد الأفريقي المنعقدة في 17 و 18 نوفمبر 2018 حول الإصلاحات المؤسساتية للمنظمة القارية و التي أولت اهتماما خاصا لدور المجمعات الاقتصادية الإقليمية في مسارات اندماج البلدان الأفريقية». وخلص بيان وزارة الشؤون الخارجية إلى أن «إعادة بعث اجتماعات مجلس الوزراء, بمبادرة من الجزائر, من شأنها أن تكون حافزا لإعادة بعث نشاطات الهيئات الأخرى لاتحاد المغرب العربي». وتعتبر هذه الدعوى رداً على المبادرة التي أطلقها الملك المغربي في السادس من نوفمبر الحالي، والتي اقترح فيها إنشاء «آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور» لتسوية النزاعات بين البلدين. ويفهم من الدعوة الجزائرية تجنب مناقشة القضايا الخلافية الثنائية بين الجزائر والمغرب في إطار ثنائي، ورفضها استحداث آلية حوار سياسي ثنائي، لتلافي طرح قضية نزاع الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر، والتمسك بمناقشة مجمل القضايا في إطار آلية الاتحاد المغاربي. وكان الملك المغربي محمد السادس، قد أكد في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى ال43 لما يعرف في المغرب ب»المسيرة الخضراء»، انفتاح بلاده على المقترحات والمبادرات التي تتقدم بها الجزائر بهدف تجاوز الجمود في العلاقات بينهما. ووصف محمد السادس وضع العلاقات بين المغرب والجزائر، بأنه «غير طبيعي وغير مقبول»، وقال إن هذا الواقع «لا يتماشى مع الطموح الذي كان يحفز جيل التحرير والاستقلال إلى تحقيق الوحدة المغاربية». وأكد أن «المغرب مستعد للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، من أجل تجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين»، وأن مصالح الشعبين الجزائري والمغربي «هي في الوحدة والتكامل والاندماج، دون الحاجة لطرف ثالث للتدخل أو الوساطة». بدورها قررت أحزابٌ سياسية مغربية القيام بمبادرة الاتصال بأحزاب جزائرية، في سياق دعوةٍ سابقة للملك محمد السادس للجزائر إلى حوار ثنائي مباشر من أجل تبديد الخلافات العالقة من دون قيد أو شرط، وإحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور والتعاون المفتوح في كل القضايا والاقتراحات والفرص المتاحة. وكان قد اتفق كل من وزير الطاقة الجزائري مصطفى قيطوني ونظيره المغربي عزيز الرباح في اكتوبر الماضي على بدء محادثات بشأن مستقبل إمداد أوروبا بالغاز عبر التراب المغربي، وذلك على هامش المؤتمر العربي حول الطاقة الذي عقد في مدينة مراكش. وتلعب تونس دورا محوريا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين حيث كان وزير الخارجية خميس الجهيناوي قد عبر في مقابلة مصورة بثتها، الشهر الفارط، شبكة «إرم نيوز» عن رغبة تونس في تحريك الاتحاد المغاربي المعطل، مؤكدا استعدادها للعب دور محوري في الاتحاد وكاشفًا عن بداية تحرك دبلوماسي لدعوة وزراء خارجية الاتحاد المغاربي للاجتماع قبل عقد القمة العربية في تونس. رأي خبير أستاذ القانون الدستوري المغربي، رشيد لزرق: «الحدود المغربية الجزائرية تكاد تكون الحدود الوحيدة في العالم المقطوعة بين بلدين، والملك دعا الجزائر إلى فتح قنوات الحوار الثنائي المباشر مع الجزائر، لتبديد الجمود في العلاقات بين البلدين وفق الوضوح والمسؤولية والاحترام المتبادل لسيادة البلدين، على أساس رؤية مدمجة واقعية من أجل إعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين».