أختتام مهرجان القناع المسرحي في المحرس    حجز عُلب حليب أطفال مهرّبة بهذه الولاية    الزهروني: الإطاحة بمنحرف روع المتساكنين بالسرقة بالنطر    توقيع مذكرة تعاون بين اتحاد الغرف العربية ومعهد العالم العربي بباريس    وكيل الجمهورية الفرنسي: اضطرابات نفسية وراء حادث الطعن...ولا شبهة إرهاب    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    31 شهيدا بينهم أطفال في قصف ونيران الاحتلال في عدة مناطق بقطاع غزة..# خبر_عاجل    تصفيات مونديال 2026 (منطقة إفريقيا) – الجولة السابعة.. الغابون تسحق السيشال برباعية نظيفة    بعثة اقتصادية وتجارية لشركات ناشئة تونسية تتحول الى عاصمة الكنغو الديمقراطية كنشاسا    جريمة بشعة: أم تقتل رضيعها وتلقيه في القمامة ثم تذهب للتسوق!    رمضان 2026 في قلب الشتاء و أعلى فترات تساقط الثلوج إحصائياً    وزيرة الأسرة تكرّم 60 تلميذا وطالبا من أبناء مؤسسات رعاية الطفولة المتميّزين بالسنة التربويّة 2025-2024    عاجل/ حادثة مقتل تونسي برصاص الشرطة في مرسيليا..هذه آخر المستجدات..    اليوم..الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة والمتاحف..    قائمة الدول الأغلى عالميا: الحياة فيها مكلفة جدّا    ترامب ينظم عشاء لأقطاب التكنولوجيا ويستثني أكثرهم ثراء    ''كان يمكن نزع سلاحه بدل نزع حياته'': تعليق ناري من بن صالحة على مقتل تونسي بفرنسا    طقس اليوم: سماء قليلة السحب بأغلب المناطق    توزر قطب وطني للتكوين في المستشفى الرقمي    إدارة ترامب تطلب من المحكمة العليا الإبقاء على الرسوم الجمركية    ولاية تونس: انعقاد المجلس الجهوي للأمن حول العودة المدرسية    وزارة الصناعة تقرر إحداث لجنة مشتركة تتولى دراسة وضعية محطات ضخ المياه بالمناطق الصناعية حالة بحالة    الندوة المولودية 53: الاجتهاد المقاصدي والسّلم المجتمعي في ضوء السّيرة النبوية"    مقتل 15 شخصا بعد خروج القطار الجبلي الشهير في لشبونة عن مساره    آدم عروس يمضي لنادي قاسم باشا التركي    غارات إسرائيلية على جنوب لبنان توقع قتلى وجرحى    فيلم "صوت هند رجب" يهزّ مهرجان فينيسيا بعرضه العالمي الأول    إثر احداث ملعب بنزرت .. هزم النادي البنزرتي جزائيا و«ويكلو» ب3 مباريات خارج القواعد    بنزرت الجنوبية .. وفاة إمرأة إثر تعرضها لصعقة كهربائية    تعاون مشترك في أولويات التنمية    مؤسسة UR-POWER الفرنسية تعتزم الإستثمار في تونس    مجلس وزاري مضيق حول حوكمة وتحسين جودة المنظومة الصحية    هذه الولاية تحتل المرتبة الأولى وطنيا في إنتاج "الزقوقو"    باحثون مصريون يطورون علاجا واعدا للأطفال المصابين بالتوحد    الريحان والفلفل والعسل.. السلاح الطبيعي ضد السعال والبرد    تمديد مرتقب للصولد الصيفي أسبوعين إضافيين قبل غلق الموسم!    بمناسبة المولد النبوي: الدخول مجّاني الى هذه المواقع..    تصفيات كاس العالم 2026: المنتخب التونسي من اجل قطع خطوة اضافية نحو التاهل للمونديال    نهضة بركان يتعاقد مع اللاعب التونسي أسامة الحدادي    زغوان: تسجيل إصابة ثانية بمرض "حمّى غرب النيل" منذ اوت المنقضي    مفتي الجمهورية: الإحتفال بالمولد النبوي حلال    هام/ كميّات الأمطار المسجّلة بعدد من مناطق البلاد..    عاجل/ تأجيل انطلاق أسطول الصمود لكسر الحصار على غزة..وهذه التفاصيل..    عاجل/ نتائج الحملة الوطنية المشتركة لمراقبة المستلزمات المدرسية..    شيرين تعتذر من ياسر قنطوش    تأمينات BIAT والترا ميراج الجريد اشعاع رياضي وثقافي وشراكة مجتمعيّة فعّالة    اليوم: أمطار متفرقة في المناطق هذه...وين؟    بطولة كرة اليد: برنامج مباريات اليوم من الجولة الثالثة ذهابا    المولد النبوي: مِشْ كان احتفال، تعرف على السيرة النبوية...منهج حياة ودروس خالدة    هيئة الصيادلة: الأدوية الخاصة بهذه الأمراض ستكون متوفّرة خلال الأسبوع المقبل    تظاهرة "سينما الحنايا" يوما 6 و7سبتمبر الجا ري    الزهروني: مداهمات أمنية تطيح بمجرمين خطيرين محل 17 منشور تفتيش    قفصة: حجز 40 كلغ من الحلويات المستعملة في عصيدة الزقوقو    وزارة التجهيز تعلن عن فتح الممر تحت الجسر على الطريق المحلية رقم 541 الرابطة بين جبل الجلود ولاكانيا    أسرة الفقيد الشاذلي القليبي تهب مكتبته الخاصة لدار الكتب الوطنية    العالم يشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    الإفتاء المصرية تحسم الجدل: صيام يوم المولد يجوز شرعًا    صيف المبدعين ..الشّاعرة لطيفة الشامخي .. الكُتّاب ،سيدي المؤدّب وأوّل حِبْر عرفته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أثبتتها التجربة بعد الثورة.. الإيديولوجيا عامل أساسي في ثبات الأحزاب تحتاج إلى تجاوزها
نشر في الشاهد يوم 12 - 01 - 2019

عرفت الساحة السياسية ما قبل الثورة تصحّرا حزبيّا في ظلّ سيطرة نظام الحزب الواحد، بيد أن الموازين انقلبت بعد 2011 لتسجّل تونس طفرة في عدد الأحزاب المكونة للمشهد السياسي ليبلغ 214 حزبا. وبينما يرى البعض أنّ تضخّم عدد الأحزاب عامل مساهم في تعزيز النزعة الانقسامية في ظلّ هيمنة المنزع الايديولوجي الفكري على توزّع المكونات السياسية، فإن آخرين يعتبرون ذلك مؤشرا صحيا في ظلّ مسار الانتقال الديمقراطي بالبلاد، بل ويرون أنّ للإيديولوجيا دورا أساسيا في تمتين وحدة الحزب وصلابته التنظيمية والحفاظ على استقراره.
وعلى الرّغم من ترذيل الإيديولوجيا والصراعات المنهجية الفكرية، فقد أثبتت السنوات الثمانية التي عقبت ثورة 2011 أنّ الأفكار والخلفيات النظرية والتوجهات ذات البعد الانتمائي الإيديولوجي تمثّل عامل قوّة رئيس للحفاظ على تماسك المكونات الحزبية، ولعلّ خير مثالين على ذلك حزب حركة النهضة وائتلاف الجبهة الشعبية اللذان حافظا على استقرارهما في خضمّ الانقسامات والتشظيات السياسية التي يشهدها المشهد السياسي التونسي خلال السنوات الأخيرة.
اليسار: من التشتت إلى الائتلاف
يتكون اليسار التونسي، المتواجد في المشهد السياسي الراهن، بالأساس من ائتلاف الجبهة الشعبية المشكل من مكوّنين كبيرين هما حزب العمال الذي ينحدر من حزب العمال الشيوعي التونسي الذي جاء تباعا لتجربة العامل التونسي المنحدرة بدورها من تجربة افاق “برسبكتيف”، وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد الذي هو اتحاد حزبي بين حزب العمل الوطني الديمقراطي وحركة الوطنيين الديمقراطيين، وهي نتاج لتجربة الوطنيين الديمقراطيين بالجامعة في الثمانينات بعد نزاعات وانشقاقات شهدتها بالخصوص في الساحتين الجامعية النقابية.
وإلى جانب الجبهة الشعبية، يوجد حزب المسار ويضم بقايا من الحزب الشيوعي.
وعلى الرّغم من زخم التجربة الفكرية والسياسية والاجتماعية للتيارات اليسارية على مرّ التاريخ، فإنّهم فشلوا تنظيميّا وقد مثّلت مسألة التنظّم والتهيكل أبرز أسباب الصراعات والانقسامات لليساريين.
وإثر ثورة 2011، تحصّلت مختلف الفصائل اليسارية، التي كان نشاط أغلبها سرّيا، على تأشيرات قانونية للنشاط السياسي العلني، على غرار حركة الوطنيين الديمقراطيين التي أصبحت منذ 2012 تحت اسم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، وحزب العمال الشيوعي التونسي الذي أصبح حزب العمال التونسي، اضافة الى حزب العمل الوطني الديمقراطي، الذي انشق الى جزأين، شق يمثله محمد جمور وأسس مع حركة الوطنيين الديمقراطيين حزب الوطد ، وشق يمثله عبد الرزاق الهمامي دخل باسم الحزب في تجربة الاتحاد من أجل تونس. كما تحصلت رابطة اليسار العمالي، ذات التوجه التروتسكي، على التأشيرة في 2012.
وفي سابقة نوعية في تاريخ اليسار التونسي، أعلنت الأحزاب اليسارية ، في 7 سبتمبر 2012، إطلاق "جبهة شعبية" للطرح والبناء والمنافسة تضم 13 مكونا من المبادرين بالدعوة لبنائها، أبرزها "حزب العمال"، حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد"، حركة "الديمقراطيين الاشتراكيين"، حركة "البعث"، حزب "الطليعة العربي الديمقراطي، الحزب الوطني الاشتراكي الثوري"، رابطة "اليسار العمالي”…
وتعدّ تجربة الجبهة الشعبية، تجربة متطوّرة نوعيا بالنسبة الى الفصائل اليسارية، باعتبارها ساهمت في توحيدهم بعد الشتات، وخولت لهم العمل تحت سقف تنظيم موحّد ومتماسك، رغم الضعف الكبير الذي أبدته في إدارة الصراع وفي التموقع في المشهد السياسي التونسي.
القوميون بين الشتات ومحاولات توحيد الصفوف
رفعت التيارات القومية في تونس، على مرّ التاريخ، في المنابر السياسية والنقابية وفي ساحات الجامعات، شعار الوحدة، إلاّ أنّها في نظر منتقديها قد مارست الانقسام والتشظّي على نحو أضعفَ مكانتها بين الأحزاب ولدى عامة التونسيين.
وقد بادر قوميون إلى محاولة توحيد صفوفهم بعد ثورة 14 جانفي غير أن محاولاتهم، بينها تلك التي جرت بين حركة الشعب وحركة الشعب التقدمية الوحدوية باءت بالفشل، بينما يمّم شقّ آخر وجهه شطر الجبهة الشعبية التي تضمّ أغلب مكونات اليسار التونسي.
انقساماتٌ مثلت السبب الرئيس، وخلّفت محدودية تمثيلية التيارات القومية في المجلس الوطني التأسيسي بعد انتخابات 2011 أو في مجلس نواب الشعب بعد الانتخابات التشريعية في 2014، وليس من المتوقّع أن تختلف نتائج انتخابات 2019 عن سابقتيها، حسب مؤشرات الوضع الحالي.
ويُقرُّ القوميون في تونس بأنّ حدث الربيع العربي عرّى حقيقة انقساماتهم وتشتتهم على النطاق العربي والوطني على حدّ سواء، ولكنهم يحتاجون إلى بناء خطاب جديد يستند إلى رؤى غير تقليدية، بينما هم يستمرون في تقديم إجابات مختلفة وتبني مواقف متباينة، معتبرين أن ما حدث من انقسامات يعبّر عن حيويتهم ونشاطهم السياسي وعدم تكلسهم، فيما يراها غيرهم تُجسّد أزمة مصيرية يمرّ بها التيار القومي.
وفي ندوة فكرية كانت قد انتظمت في أفريل 2016 بتونس العاصمة حول "التيار القومي في تونس: الواقع والآفاق" بتنظيم "مجلّة البناء الاستراتيجي"، سلط الدكتور توفيق المديني الضوء على واقع هذه التيارات وما تشهده من تشتت وفرقة وصعوبات في التأقلم مع الحاضر بسبب الإرث التاريخي، مشيرا إلى هزائمه المتتالية على مرّ التاريخ.
فيما تطرق الأستاذ عثمان بالحاج عمر إلى تباعد الرؤى بين اليسار الماركسي والقوميين في تونس في مختلف القضايا على الرغم من أن القوميين يحاولون الاتكاء على اليسار، مؤكدا ضرورة إبعاد الخلافات وفتح آفاق حوار جاد من أجل خلق مشروع موحد بين الطرفين.
الإسلاميون: ثباتٌ عزّزته الثورة
لئن تعتبر التجربة السياسية العلنية لحركة النهضة جِدُّ حديثة، فإنّها بدت المكون السياسي الأكثر تماسكا واستقرارا ووعيا بدورها في المشهد التونسي وعملها على إنجاح المسار الديمقراطي الناشئ.
وقد نجحت النهضة في عقد مؤتمرين انتخابيين بعد الثورة؛ المؤتمر التاسع في 2012 والمؤتمر العاشر في 2016.
وبرلمانيا تعدّ كتلة حركة النهضة الأكثر استقرارا بين الكتل (إضافة إلى كتلة الجبهة الشعبية) منذ تكون محلس نواب الشعب عقب الانتخابات التشريعية ل2014 ، باعتبارها لم تشهد انقسامات وانسلاخات -كما حدث مع جلّ الكتل المكونة للمشهد البرلماني- وعرفت استقالة وحيدة للنائب نذير عمو يوم 14 سبتمبر 2017 الذي انضم إلى كتلة “الولاء للوطن” إبان تشكلها في 23 مارس 2018 والتي تضم عددا من النواب المستقلّين.
الليبراليون: مدّ وجزر
أما بالنسبة لليبراليين، الذين جمع أغلبهم حزب نداء تونس للوصول بغاية الوصول الى السلطة في انتخابات 2014 ، فسرعان ما فرّقتهم الانشقاقات والانقسامات فيما بعد ليتولد عنه أكثر عدد من الأحزاب الأخرى على غرار حزب حركة مشروع تونس لمحسن مرزوق وحزب تونس أولا الذي أسسه رضا بلحاج ثم استقال منه ليعود إلى أحضان النداء..
وقد ارتبط ظهور حزب نداء تونس في بداياته بظهور عشرات الأحزاب بلا مرجعيات فكرية أو إيديولوجية لا يملك ايّ منها أدبيات واضحة؛ وهي تعتبر النقطة المشتركة التي تجمع المنتمين الى كل طرف سياسي، وبالتالي فإن غيابها مثل مرتكزا لظاهرة السياحة الحزبية التي استفاد منها حزب نداء تونس بالأساس.
ولئن اختلفت المكونات الحزبية في تونس وتعدّدت، فإنّ الإيديولوجيا والأبعاد الفكرية مثّلت أبرز عامل للحفاظ على تماسك الأحزاب ووحدتها، ولعلّ التجربة السياسية التونسية بعد الثورة أثبتت ذلك من خلال ضعف المشاريع السياسية التي برزت دون خلفيات فكرية لها وسرعان ما خبا تأثيرها .
ويبقى الاختبار الأهم للأحزاب هو مدى قدرتها بعد نجاحها في الحفاظ على وحدتها الداخلية وتماسكها بالأدوات المتوفرة لها، في أن تكون مؤسسات قادرة على إنتاج برامج ناجعة كفيلة بإقناع الناس بحل قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية وتوفير الأمن لهم. وهو ما لا توفره الإيديولوجيا وحدها ويتطلب انفتاح الأحزاب على كفاءات وخبرات ومؤسسات ليست لها ارتباطات إيديولوجية، وذلك ما يمكنها من أن تكون أحزاب حكم متفرغة لخدمة عموم الناس، لا منغلقة داخل المعارك الثقافية والنظرية، وهو ما سيخدم التنظيمات بالضرورة عبر توسيع فئات المستقطبين وقاعدة الناخبين لصالحها.
وقد بيّنت تجربة الانتخابات البلدية التي نظمت في 6 ماي 2018 كيف أعادت إرادة الناخبين حركة النهضة إلى صدارة المشهد الحزبي إلى جانب المستقلين، وذلك بعد حملة انتخابية غاب عنها الاستقطاب الإيديولوجي الذي طغا على مضامين حملة الانتخابات التشريعية لسنة 2004 وشعاراتها بما أثر في نتائجها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.