أعادت حادثة وفاة الشاب أيوب بن فرج في ظروف غامضة ومسترابة، الجدل حول ما مدى مصداقية التغيرات التي عرفها الجهاز الأمني التونسي بعد الثورة في سبيل تكوين أمن جمهوري قريب من المواطن ويستجيبُ لمعادلة توفير الأمن وضمان الحريات. وأثارت حادثة وفاة مواطن تونسي في مركز للأمن الوطني في الحمامات، حالة من الاستنفار، وسط مخاوف من احتمال تعذيبه، وشهدت ولاية نابل ليلة الجمعة وأمس السبت مواجهات عنيفة بين محتجين وقوات الشرطة بمنطقة براكة الساحل على خلفية الموت المستراب للشاب أيوب، حيث اتهم المحتجون رجال الشرطة بقتله رغم نفي وزارة الداخلية لذلك. وأكدت وزارة الداخلية في بيان لها نشرته السبت أنّ مرافقَين للشاب المتوفى حاول تهدئته والسيطرة عليه بعدما دخل في حالة هيجان مفاجئة. وعند مرور دورية تابعة لحرس المرور في المكان، حاولت مساندة المرافقَين، لكنّ الأمر استعصى عليها، فطلبت تعزيزات من دورية أخرى عمدت إلى تقييده واقتياده إلى مركز أمني. لكنّه أغمي عليه فور وصوله، فطُلِب الإسعاف، لكنّه فارق الحياة. في المقابل، شكّك كثيرون في رواية وزارة الداخلية التي تحاول التعتيم على الحقيقة. وأكد بلال براق محامي الضحية أنه بشهادة عون مرور فإن أيوب امتطى السيارة الامنية في كامل قواه البدنية إلا أنه وصل إلى مركز الامن في غيبوبة وهو ما يؤكد أن الاعتداء بالعنف وقع داخل السيارة، خاصة أن المركز نموذجي وبه كاميرات مراقبة. وقال المحامي إن العون الذي اعتدى على الهالك كانت له سابقة في العنف، مبينا أن هناك فرضيتان لأسباب الوفاة، تتعلق الأولى بسكتة قلبية بسبب المجهود الذي بذله في المقاومة وبسبب الغاز الذي رش في فمه، والثانية بسبب العنف. واعتبر رئيس الجمهورية السابق منصف المرزوقي، أن “موت الشاب أيوب بن فرج مأساة إنسانية قصفت حياة ثمينة ككل حياة وستذهب ضحيتها عائلة بأكملها”. وكتب المرزوقي في تدوينة نشرها على صفحته بالفايسبوك تعليقا على الحادثة “موت أيوب بن فرج جرس إنذار لكل الأمنيين : بدأ تعافي المؤسسة الأمنية بعد الثورة فلا تسمحوا بعودة المرض وإلا الثمن سمعتكم ومكانتكم” . في السياق ذاته ، أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا صحافيا حول الواقعة، وأعلنت عن تعيين عضوَين من الرابطة لمتابعة سير التحقيقات، في حين أنّها اتصلت بعائلة الشاب وبالشهود على خلفية شبهة التعذيب في القضية. وعلى إثر وفاته، خرج عدد من أهالي المنطقة للاحتجاج أمام مركز الحرس الوطني بالمنطقة، وقاموا برشقه بالحجارة، مما استدعى الأمن إلى استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين الذين عبّروا عن غضبهم واتهموا وحدات الأمن بتعذيب أيوب حتى الموت. وتعيد حادثة وفاة الشاب أيوب إلى الأذهان حادثة مشجع النادي الإفريقي عمر العبيدي الذي مات غرقًا على إثر محاصرته ومطاردته من قبل أمنيين، وتسببت الحادثة والتي تحولت إلى قضية رأي عام في قطيعة بين الأمن والمواطنين بعد مصالحة شبه جزئيّة لم تستمر طويلا بعد الثورة، بسبب عديد التجاوزات.