انتشرت في الفترة الأخيرة عديدة الجرائم البشعة في تونس والتي اعتدى فيها أناس على أقربائهم في صور لم يعهدها المجتمع التونسي كقتل الأم واغتصاب البنت وترويع العائلة وغيرها، وذلك بسبب انتشار عديد الأنواع من المخدرات بين الشباب، وسعي هؤلاء بكل الوسائل للحصول عليها، حسب عديد التقارير. ويرى البعض أن انتشار المخدرات وخاصة الانتشار المكثّف لمادة القنّب الهندي -أو كما يسميها الشباب “الزطلة”- المتسبب الرئيسي في ارتفاع الجرائم في تونس في السنوات الأخيرة. وتحوّل الملف أيضا إلى وعد انتخابي، حيث راهنت أحزاب مثل نداء تونس وآفاق، على استقطاب الشباب المستهلك والمروّج لهذه المادة. ويبدو أن هذا الأمر مازال في أولويات بعض الأحزاب خاصة بعد مقترحات رئيس الجمهورية بشأن القانون 52 المتعلّق المخدّرات، فيما تدفع جهات مدنية وسياسية نحو تقنين استهلاك “الزطلة” وإنتاجها وترويجها. وفي هذا الصدد، قال كريم شعير عضو ائتلاف من أجل تقنين استهلاك القنب الهندي في تصريح ل”الشاهد إن هدف الائتلاف اليوم تقنين استهلاك القنب الهندي على مستوى الانتاج والترويج مبيّنا أن الائتلاف يقترح إنشاء شركة تابعة للدولة على شاكلة التبغ والوقيد تقوم بهذا الدور. وأضاف شعير أنّ هذا المقترح جاء بناء على دراسة التجارب الدولية لمكافحة المخدرات والكحول والتي أكّدت أن كل الدول التي قننت استهلاك القنب الهندي “الزطلة” انخفض فيها عدد المستهلكين مؤكدا أن منظمة الصحة العالمية أوضحت أن القنب الهندي أقل خطورة من استهلاك التبغ والكحول. وأفاد شعير أن الائتلاف سيتقدّم بمجموعة من مشاريع القوانين للبرلمان والأحزاب بهدف إدراجها في برامج انتخابية، مبيّنا أن إحصائيات الدولة تفيد أنّ هنالك 300 ألف مدمن لمخدرات و4 مليون مستهلك. وقال الأستاذ قيس بن حليمة الناشط في المجتمع المدني وصاحب مشروع Siliana Bis ل”الشاهد” إنّهم اقترحوا فكرة تقنين استهلاك القنب الهندي على بعض النواب لعرضها على البرلمان. وشدّد بن حليمة على أنّ “الاستهلاك” ليس جرما ومكتب الأممالمتحدة حثّ في تقاريره على الممضين على اتفاقية 88 لمراجعة تجريم الاستهلاك وصنّفه كمشكلة صحّة عمومية يجب التعامل معها على هذا الأساس.. والمدمن مريض وليس مجرما ومكانه مصحة استشفائية وليس السجن، وفق تعبيره. واستنكر بن حليمة القانون الردعي في تونس الذي يقضي بسجن المستهلك وخطيّة مالية وفي حال العود ينال عقوبة بخمس سنوات سجنا دون نقاش، حسب قوله. من جانبه، قال المحامي والحقوقي وحيد العوني في تصريح لموقع “الشاهد” إنّ الحملة الذي يقوم بها مجموعة من النشطاء في المجتمع المدني وبمساندة حزبية من أجل تقنين مادة القنّب الهندي لها جملة من الاعتبارات السياسية والانتخابية وتهدف إلى استقطاب شريحة كبيرة من المجتمع وهي الشباب المدمن والذي يقدّر عددهم بحوالي 300 ألف تونسي. وأضاف العوني أنّ الاشكال يتمثل في النزعة السياسية لهذا الموضوع وخلفيات توظيفه في الحملة الانتخابية مثلما فعل ذلك نداء تونس في انتخابات 2014 مبيّنا أن هذا الحزب لم يقدّم شيئا في السلطة بل ساهم في مزيد من استهلاك المخدرات وخصوصا مادة القنّب الهندي. وتابع العوني أنّ هنالك مبادرة تشريعية في هذا الخصوص يقول أصحابها أنّها سيوفّر تقنين القنب الهندي عائدات اقتصادية تتجاوز 1500 مليار، إضافة إلى أن إنتاج “الزطلة” سيوفر 3 آلاف موطن شغل ويوفّر 150 ألف سائح للبلاد من السياح الذين يعانون الإدمان. وبيّن العوني أن تونس ستكون مرّة أخرة مكانا للتجارب السامّة موضحا أن هذه المبادرة سترفع في نسب استهلاك المخدرات في صفوف الشباب خاصة الشريحة الهشة وهي الأطفال والطلبة.