يعتبر القضاء العادل والنزيه أحد اهم اعمدة دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية فهو الطرف المستقل عن كل ما هو سياسي ومنحاز للعدل والإنصاف وهو الساهر على إرساء المساواة والعدل بين الناس. وساهم القضاء التونسي منذ الثورة إلى الآن في تدعيم مطالب الثورة وتكريسها وساندها منذ اليوم الأوّل ليكون في مقدّمة القاطرة غير أنّ الطريق مازال طويلا أمام إرساء منظومة قضائية مستقلّة في ظلّ حنين البعض للأيام الخوالي حيث كان بعض القضاة يتلقون الاوامر السياسية للحكم على مناوئين سياسيين واقتصاديين للسلطة او القريبين منه. وعرفت بعض جهات البلاد خلال الفترة السابقة تشكيكا في بعض الاحكام القضائية واعتداءا على بعض القضاة او كتبة المحكام والإطارات العدلية وهو ما اعتبره البعض تعدّيا على القضاء في وقت عبّرفيه المجلس الوطني لجمعيّة القضاة التونسيين عن “رفضه المطلق لجميع الضغوطات والتهديدات المسلطة على القضاة”. واعتبر المجلس في لائحة اصدرها في ختام اجتماع عقد في الكاف ان ذلك يعد “تعدّيا صارخا على استقلال السلطة القضائية والقرار القضائي”. وندد أعضاء المجلس، من جهة أخرى وبشدة، بجملة التهديدات والاعتداءات، التي طالت في الفترة الاخيرة العديد من القضاة أثناء أدائهم لوظائفهم بمختلف محاكم الجمهورية وعبّروا عن تضامنهم الكامل والمطلق معهم. وطالب المجلس في المقابل الجهات القضائية المتعهدة بالنظر في وقائع تلك الاعتداءات بالبت فيها بالسرعة والنجاعة المطلوبة إنفاذا للقانون وتجنبا للإفلات من العقاب وردعا لكل من ينال من الاحترام الواجب للقضاة ولمؤسسات الدولة في نطاق الالتزام بضمانات المحاكمة العادلة. وأكد المجلس على ضرورة دعم التدابير المستعجلة لتوفير الحماية للقضاة ولتأمين المحاكم وتعزيز التواجد الأمني بها، التي اتخذتها وزارتي العدل والداخلية، بالإسراع في تركيز التجهيزات الإلكترونية المتطورة بكافة المحاكم وبعث جهاز شرطة قضائية يعود بالنظر لوزارة العدل يعمل تحت إشراف المسؤولين عن المحاكم. وأكّد المجلس أن “التعاطي مع مسألة أمن المحاكم وما يستدعيه من مراعاة لخصوصية العمل القضائي وما يتطلبه من توفير لليقظة الأمنية التامة يجب أن يراعي في الآن نفسه حق المواطن في الولوج للقضاء والتمتع بخدمات المرفق القضائي بأيسر السبل”. وطالبت الجمعية “لجان صياغة مشاريع القوانين الأساسية للسلطة القضائية بالإسراع بإنهاء أعمالهم في أقرب الآجال وطبق أقصى ضمانات الاستقلالية كما يدعون المجلس الأعلى للقضاء إلى تفعيل صلاحياته القانونية في تقديم المقترحات ذات الصلة بالإصلاح القضائي”. وفي نفس السياق طالبت “مجلس القضاء العدلي بالإسراع في الإعلان عن معايير الحركة القضائية ومعايير تقييم القضاة وقائمة الشغورات بالمحاكم والمؤسسات القضائية بعد القيام بالمشاورات اللازمة وعقد جلسات العمل الضرورية بشأنها مع جمعية القضاة التونسيين للتداول حول مذكرة تقييم القضاة المبلغة إليه من المكتب التنفيذي للجمعية بتاريخ 05 مارس 2019 ومختلف مشاغل القضاة والنقائص التي تعاني منها المحاكم ضمانا لحسن الاستعداد للحركة القضائية المقبلة”