بعد نحو 8 سنوات من الموجة الأولى للربيع العربي التي انطلقت في تونس سنة 2010 للمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة وشملت كل من اليمن وليبيا ومصر وسورية، هبّت “موجة جديدة” في السودان والجزائر وسط حراك اجتماعي جديد لقبه البعض بالموسم الثاني لثروات الربيع العربي، في حين شغلت هذه الأحداث مساحات واسعة من اهتمام الصحف الأجنبية، خاصة منها الأمريكية والفرنسية التي احتفت اغلبها بهذا الحراك، مؤكدة على قدرة هذه الموجات في إزاحة الانظمة الديكتاتورية. وتؤكد صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن آمال الربيع العربي وبعد ان تلاشت، عادت اليوم من السودان والجزائر، مشيرة على أن المشاهد القادمة من كلا الدولتين تؤكد أن هذا الربيع يتجدد، وأن رسالته هذه المرة تقول: “لا تعتمدوا على الطغاة لتحقيق الاستقرار.” وأكدت الصحيفة أن ما يجري يذكر بما جرى سنة 2011 ويطرح أسئلة جديدة قديمة حول إمكانية حصول التغيير، خاصة بعد أن اضطر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تقديم استقالته، في وقت يعيش الرئيس السوداني عمر البشير حالة من الخوف وهو يشاهد الجموع التي تحاصر القصر الرئاسي مطالبة باستقالته، لتذكر بما جرى في مصر إبان الثورة المصرية على الرئيس حسني مبارك في ميدان التحرير. وتقول الصحيفة إن الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء المنطقة سعت إلى إعادة تذكير شعوبها بأن الثورات الشعبية لا تؤدي إلا إلى نتائج عكسية، غير أن الثورات في كل من الجزائر والسودان تحاول هي الأخرى أن تعيد إنتاج ثورات الربيع العربي بتأكيد الطابع السلمي للثورات، وأن التظاهرات غير العنيفة وبأعداد كبيرة قادرة على أن تقلب حتى الأنظمة الديكتاتورية الراسخة. من جانبها، أكدت مجلة “أتلانتك” الأميركية أنّ الثوار في الجزائر والسودان تعلموا من دروس الماضي ومن تجاربهم وتجارب الآخرين في البلدان المجاورة والقريبة التي شهدت ثورات الربيع العربي، مثل ليبيا وتونس ومصر واليمن. وأضافت المجلة إنّه “وعلى الرغم من أن الوقت ما زال مبكراً ويمكن أن تحدث تغييرات كثيرة، إلا أن جهود الثوار حققت عدة نتائج، فقد استقال عبدالعزيز بوتفليقة، وتم طرد عمر البشير من قبل الجيش السوداني، مشيرة إلى أن التظاهرات كانت لها خصائصها المحلية، ولكن هناك العديد من أوجه التشابه والاختلاف عن ثورات 2011.” أمّا صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية فقد أكدت في افتتاحيتها والتي جاءت تحت عنوان “ربيع عربي ثان يختمر في الجزائر والسودان”. إن “الانتفاضات الشعبية تظهر أن الأسباب الجوهرية لاضطرابات 2011 في العالم العربي لم تعالج، وبدلا من ذلك طُمرت بغطاء غير مستقر فوق وعاء يغلي ببطء.” ورأت الصحيفة أن الحالتين الجزائرية والسودانية متباينتان. ولكن هناك موضوعات مشتركة ستتردد في أنحاء العالم العربي، وينبغي أن تكون بمثابة تحذير لقادة المنطقة أثناء تقييمهم لهذين الحدثين المهمين. ففي قلب الاحتجاجات هناك شعور عميق بالإحباط الذي يشعر به الشباب في منطقة قمعية تعاني من البطالة المتفشية. أما صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية فقد عنونت غلافها الأول ب “الجزائر والسودان أو الموسم الثاني”، وكتبت الصحيفة قائلة: بعد بوتفليقة، ها هو الدكتاتور السوداني عمر البشير يترك السلطة تحت ضغط الشارع ايضا، ولكن الجيش-تستدرك “ليبراسيون” يبقى يسيطر على الحكم في الحالتين. ويتابع لوران جوفران كاتب المقال في افتتاحية “ليبراسيون””ومهما ستكون نتائجه، فهذا يؤكد ان رياح “الربيع العربي” التي هبت في 2011 لم تهدأ.”