اجتاح فيروس الحصبة مؤخرا عددا من ولايات البلاد وقد تسبّب في وفاة 6 رضّع وإصابة 200 تونسي من بينها 144 بمحافظة القصرين، و66 حالة أخرى بولاية صفاقس. وقد طالبت جمعيات معنية بالصحة والطفل بفتح تحقيق جدي وموضوعي حول الإخلالات والنقائص التي شابت منظومة التلقيح في تونس وأدت إلى إعاقات ووفيات جراء وباء الحصبة، معتبرة أن وزارة الصحة يجب أن تخضع للمساءلة والمحاسبة بخصوص مسؤوليتها في عدم نجاعة الوقاية من ظهور مقاومة وباء الحصبة والتأخر في مقاومته. وقد أكد رئيس جمعية حماية الطفل معز الشريف أن جميع البحوث التي أجريت اثبتت نجاعة تلقيح الحصبة وبيّنت ان الحماية بالتلاقيح جماعية ويجب أن تتجاوز نسبة الأطفال الملقحين في المنطقة الواحدة ال 95 بالمائة حسب الرزنامة المعمول بها لتوفير الحماية لجميع الاطفال مبيّنا أن نسبة الأطفال الملقحين إذا نقصت عن ال 95 بالمائة تصبح الحماية غير ناجعة كما ينبغي. وكشف الشريف في تصريح لموقع الشاهد أن التجربة التي مرت بها تونس مؤخرا “انتشار وباء الحصبة” تؤكد أن مستوى التلقيح أقل من ال 95 بالمائة المذكورة في حين ان كل تصريحات وزارة الصحة تؤكد ان التلاقيح حسب الاحصائيات في مستوى ال 95 بالمائة الشيء الذي يترك مجالا للشك في التصريحات والإحصائيات. واعتبر رئيس الجمعية أنه كان من الاجدى الاعتراف ببعض الاخلالات ومحاولة اصلاح الوضعية والاتعاظ من التجربة السابقة لتحسين الخدمات للاطفال والمواطنين وأنه إذا تم انتهاج سياسة التعتيم والتصاريح المتضاربة مع الواقع الذي نعايشه سيضع من قيمة التواصل والثقة في الشأن الصحي بالبلاد كما أنه مؤشر على أنه لا نية لإصلاح قطاع الصحة، مبينا أن كل المؤشرات التي نعاينها في قطاع الصحة في تدني في حين ان الخطاب متفائل. ووضّح معز الشريف أن الأوبئة والإشكاليات الصحية لا تأت من لا شيء بل أنها نتيجة لتدني الخدمات وعدم احترام رزنامة التلاقيح والنقص في الأداء خاصة على المستوى الجهوي والمحلي، مبينا أنه على الدولة توفير قوافل لتقديم التلاقيح اللازمة للأطفال في المناطق النائية والتي تشكو من صعوبات في التنقل لانه اذا لم يتم تلقيح فئة معينة الخطر يمس الجميع من خلال العدوى. كما أكد أن المناطق التي ظهر بها الوباء فيها سوء تصرف ولم يتم فيها احترام التلاقيح اللازمة، وأن الجرثومة وصلت ايضا الى المناطق التي لم يصب اطفالها بالوباء لكن اغلبهم ملقحين. وللتذكير فقد دعت كل من الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة والجمعية التونسية للدفاع عن المرفق العمومي للصحة وحقوق مستعمليه والجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل في بيان مشترك وزارة الصحة لاتخاذ الإجراءات الضرورية لتحقيق هدف تعميم التلقيح ضد الحصبة في كل مناطق البلاد، وذلك بتعميم حملة التلقيح الاستثنائي للرضع في كافة مراكز الصحة الأساسية بما في ذلك نقاط التجميع في المناطق الريفية والقيام بحملة واسعة لتدارك الأطفال غير الملقحين أو المتأخرين في التلقيح فضلا عن تكثيف مراقبة « سلسلة التبريد » للتأكد من سلامتها حفاظا على جودة التلقيح ونجاعته. كما أبرزت ضرورة توخي وزارة الصحة الشفافية التامة في مجال نشر كل المعطيات المتعلقة بالإصابات بمرض الحصبة على المستوى الوطني وتوزيعها الجهوي، وذلك بوتيرة أسبوعية على الأقل. وحثت التونسيين على الإقبال المكثف والسريع على تلقيح أطفالهم الرضع في سن بين 6 أشهر وسنة، وإلى الاستكمال الفوري للتلقيح بالنسبة إلى الأطفال المتأخرين عن التلقيح المبرمج خاصة في عمر 12 شهرا و/أو 18 شهرا، وإلى احترام قواعد السلامة والوقاية خاصة في التعامل مع المصابين. ودعت الجمعيات الممضية على هذا البيان، الاعلام ومكوّنات المجتمع المدني إلى الاهتمام بهذه القضية والتعامل الإيجابي مع الحملة الوطنية للتلقيح ضد الحصبة وذلك بالقيام بأنشطة وبرامج مختلفة تهدف إلى إرشاد المواطنين بصفة موضوعية ودقيقة وإلى تشجيعهم على الإقبال على تلقيح أبنائهم المعنيين. وذكر البيان بان انتشار وباء الحصبة في جل ولايات الجمهورية، تسبب في ما لا يقل عن 28 وفاة حسب آخر الإحصائيات الرسمية، مشيرا الى اعلان وزارة الصحة يوم 10 أفريل 2019 عن تعميم التلقيح ضد الحصبة بإجراء حملة وطنية تشمل جميع الرضع في سن بين 6 و11 شهرا في مراكز الصحة الأساسية المخصصة للحملة.