عادت شركات سبر الآراء لتتصدّر الساحة الوطنية بالتزامن مع انطلاق الانتخابات التشريعية والرئاسية. وفي الوقت الذي يؤكد الساهرون على هذه الشركات أنّ معاييرها علمية ومحايدة، يؤكد الخبراء والمختصين أنّ قطاع سبر الآراء في تونس قطاع فوضوي وغير خاضع لنصّ قانونيّ ينظمّه، حيث تحولت شركات سبر الآراء بفعل الصّراعات الايديولوجية والتنافس الحزبي من شركات استطلاعات رأي إلى شركات تصنع الرأي وتتحكم فيه. وعرف عدد شركات سبر الآراء ارتفاعا مضاعفا في الفترة الأخيرة ، بأرقام و نسب متباينة، تختلف باختلاف توجهات الشركة او باختلاف مصدر تمويلها ، فتجدُ شخصية سياسية فاق رصيدها الشعبي الأرقام المتوقعة حسب شركة معينة، وتجد ذات الشخصية تتذيل القائمة في شركة مخالفة ، ما يؤكد ان هذه النسب لا تستند على قاعدة علمية وإنما تتغير بتغير أهواء أصحاب مؤسسات سبر الآراء. وفي هذا السياق، أعربت حركة النهضة عن استغرابها من نتائج سبر الآراء الذي نشرته مؤسسة سيغما كونساي يوم الجمعة 3 ماي 2019 ، والذي قالت إنه “نزل بحظوظ الحركة في التشريعية المقبلة وبطريقة لا يمكن تفسيرها أو تبريرها من نسبة 33 بالمائة في شهر فيفري 2019 إلى 18 بالمائة في موفى شهر أفريل المنصرم، مقابل صعود صاروخي لبعض الأطراف السياسية”، في إشارة ضمنية لحزب حركة تحيا تونس والحزب الدستوري الحرّ. وعبرت النهضة في بلاغ صادر عنها ليلة أمس “رفضها لهذا التمشي في توجيه الرأي العام" معتبرة أن" المبررات التي تقدمها مؤسسة سيغما كونساي في كل مرة لتغليف النتائج هي مجرد تلاعب بالمعطيات والأرقام لا أكثر ولا أقل”. ودعت الحركة الأطراف المعنية ل”وضع آليات عملية لمراقبة عمليات سبر الآراء ومنع العبث بنتائجها”. ويوجد في تونس وفق إحصائيات غير رسمية ما بين 20 و 25 مكتبا لسبر الآراء، يواجه العدد الأكبر منها اتهامات بالقيام بالدعاية المضادة وعدم المصداقية والكفاءة كما أنها تعمل دون إطار قانوني. ويذكر أنه تم تقديم مبادرتين تشريعيتين لتنظيم هذا القطاع، الأولى من طرف نواب من الكتلة الديمقراطية وحركة الشعب والجبهة الشعبية بتاريخ 2016/05/03 بمقتضى ” مقترح قانون أساسي عدد21 لسنة 2016 ومؤرخ في 3 ماي 2016 ومتعلق بسبر الآراء”" والثانية من طرف كتلة الحرة لحركة مشروع تونس بتاريخ 2017/02/15 تتعلق بمقترح قانون عادي لتنظيم سبر الآراء والإستطلاعات . و لا تزال المبادرتان إلى حدّ اليوم في رفوف مجلس النواب رغم أهميتها في تنظيم القطاع الذي ما فتئ يشهد “فوضى عارمة”.