تحرصُ السلطات التونسية على النأي بالمساجد عن كلّ أشكال التوظيف السياسي وما يتعلق بذلك من دعاية حزبية، إلاّ أن حملة الرقابة والإيقاف شملت في بعض الأحيان أئمة لم ينخرطوا في الدعاية الحزبية وانما انتقدوا الأوضاع الاجتماعية وابدوا آراءهم في مواضيع عمومية، الأمر الذي استدعى تدخّل النقابة الوطنية للإمة والإطارات الدينية التي حذرت من العودة إلى الممارسات القديمة عبر تكميم الأفواه وردع الآراء وزجرها. وجاء هذا بعد أن وجّهت مصالح الشؤون الدينية بولاية نابل استجوابا إداريا للإمام الخطيب بجامع الإخلاص بمنطقة المرازقة من ضواحي مدينة نابل، بتهمة تحريض المواطنين على الاحتجاج عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي ونعته لرئيس الحكومة يوسف الشٌاهد ب”الفاشل”. وأكد الأمين العام للنقابة الوطنية للأئمة والإطارات الدينية فاضل عاشور في تصريح إذاعي، أن وزارة الشؤون الدينية وجهت استجوابا لإمام جامع المرازقة بالحمامات إثر خطبة جمعة تطرق فيها إلى غلاء المعيشة . ووصف فاضل عاشور يوم الجمعة الماضي التهم الموجهة إلى الإمام “بالتهم الكيدية مشيرا إلى العودة إلى الاساليب القديمة في مراقبة المساجد”. وأشار الفاضل عاشور إلى ان الإمام اتهم بثلب وشتم رئيس الحكومة وتحريض المصلين ضد الوضع الاقتصادي. وتم الأسبوع الماضي تداول وثيقة ممضاة من قبل الواعظ المحلي بالحمامات حاتم القابسي ويتضمّن نصّها استجوابا مُوجّها من وزارة الشؤون الدينية إلى إمام خطيب بجامع الإخلاص بمنطقة المرازقة التابعة لولاية نابل. وقد وُجّهت للإمام المذكور، حسب الاستجواب الصادر بتاريخ 19 أفريل 2019، تهمة “الإخلال في القيام بالواجبات المهنية والمتمثّل في ثلب وشتم رئيس الحكومة ونعته بالفاشل وتحريض المصلين على الوضع الاقتصادي”. وتذكّر هذه الممارسات بحسب مراقبين بنفس الممارسات التي كان يمارسها لنظام السابق للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي لا الذي كان يراقب المساجد والمصلين والأئمة الخطباء، كما كان وبسبب توجساته السياسية يقتفي أثر كلّ شيء له علاقة بالمساجد، بتجنيد عدد كبير من أعوان الأمن السريين ومواطنين مخبرين. وفي شهر أفريل الماضي، قامت السلطات بإيقاف إمام بجامع صفاقس على خلفيّة دعوته إلى مسيرة رافضة لقانون المساواة في الميراث، رغم أن وزارة الشؤون الدينية أتاحت للإمام الخطيب الإدلاء برأيه في مواضيع تخص الرأي العام.