تعيش الجبهة الشعبية على وقع أزمة هي الأسوأ منذ تأسيسها سنة 2012، حيث بلغت الاتهامات ذروتها بين مكونات هذا الإئتلاف السياسي، بما يوحي أن الخلافات قد وصلت إلى مرحلة اللاّعودة وأن القطيعة حاصلة رغم دعوات التهدئة والتعقّل، في حين يُؤكّد آخرون أن الجبهة الشعبية لن تنجو من هذا الضعف والتفكك المتواصل، مع وجود بوادر بعدم الصّلح والانفراج. ورغم استقالة عدد من نوابها من الكتلة، وانسحاب كل من حزب الوطد ورابطة اليسار العمالي،اعتبر القيادي بالجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أنّ “الجبهة لم تنته سياسيا وإنما تعاني من مشاكل داخلية مردها غياب التناغم في المواقف السياسية وفي أسلوب حوكمة الجبهة وتسييرها وفي كيفية الأداء والعطاء”. وأكّد الهمامي في حوار لأسبوعية “الصباح الأسبوعي” بعددها الصادر اليوم الإثنين 10 جوان 2019 أنّ الجبهة في طريقها للتخلص من العوائق الداخلية والجذب إلى الوراء لإعادة بناء الانسجام وأنها ستخوض الانتخابات في وضعية مريحة أكثر من السابق نتيجة تخلصها من العائق الداخلي الذي قال إنه كان يُكبّل قياداتها ويجرّهم إلى الوراء. وفي ردّه على اتهامه بتخريب الجبهة ودفعها الى “مسارات غير مقبولة”، قال المتحدّث “هذا تكتيك متبع من قبل “الوطد” بغاية محاولة تركيز الاتهامات على شخص أو إثنين لتقديم الخلاف على أنه بين شخصين وليس كخلاف داخلي بين الجبهة الشعبية وحزب الوطد وأيضا بهدف شخصنة الإشكال حتى يفقد مغزاه السياسي وإبرازه على أنه نزاعات بين أفراد وصراع زعامات”. و قبل أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية، أعلن 9 نواب من الجبهة الشعبية التونسية تقديم استقالاتهم من الكتلة البرلمانية، في خطوة تضع وفق محللين مستقبل أكبر تكتل يساري في تونس على المحك. أمرٌ كان متوقّعا مع تفاقم الصراع بين شقي حمّة الهمامي ومنجي الرحوي، اذ بلغ الخلاف بين القياديين اليساريين أوجهه مع اقتراح حزب “الوطنيين الديمقراطيين”، ، للقيادي منجي الرحوي، لتمثيلها في الرئاسيات، وهو ما قوبل برفض عنيف من حمة الهمامي وحزب العمال الذي يرأسه، ما شكّل ضربة قوية للائتلاف المكون من أحزاب يسارية وقومية معارضة وسياسيين مستقلين.