منذُ تأسيسه سنة 2012، دار كثير من الحديث داخل إئتلاف الجبهة الشعبية اليساري وخارجه حول أزمة التفرّد بالقيادة في ظلّ تنافس كبير بين الحزبين الكبيرين في الجبهة الشعبية و هما حزب العمّال والوطنيين الديمقراطيين على زعامتها، ووجّهت لزعيم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي والذي تمسّك بقيادة الجبهة منذ تأسيسها انتقادات كثيرة في ما يتعلق بتقدير الموقف السياسي من جهة وفيما يتعلّق بأسلوب التسيير وإتخاذ القرار داخلها. ولئن اتخذت الخلافات صبغة سرية في السنوات الأولى من التّاسيس، فقد خرجت بعض مشاكلها إلى العلن في السنتين الأخيرتين لتكشف عن حرب تنافسيّة بين حمة الهمامي والقيادي بالجبهة الشعبية منجي الرحوي الذي دعا في سبتمبر الماضي وفي تصريح مثير للجدل إلى ضرورة حسم المسألة التنظيمية، معتبرا أن الجبهة وإن حافظت على هيكلتها الحالية من الممكن أن لا تحصل خلال الانتخابات القادمة على عدد النواب الذي حصلت عليه في انتخابات 2014 خاصة إذا تغيّر القانون الانتخابي والعتبة، وتواصلت سلسلة الخلافات صلب الائتلاف اليساري إلى حدّ اعلان حزب الوطنيّين الديمقراطيّين يوم أمس الاثنين عن ترشيح القيادي منجي الرحوي للانتخابات الرئاسية، في خطوة هي الأولى من نوعها، حيث أن المعروف أن المرشح الأساسي للجبهة الشعبية في كلّ سباق رئاسيّ هو حمّة الهمامي ودخول الرحوي على خطّ التنافس من الممكن أن يُفجّر أزمة داخل الجبهة الشعبية. و من المُتوقّع أن تشهد الجبهة الشعبية أزمة جديدة في ظل الخطوة التي اتخذتها اللّجنة المركزية لحزب الوطنيّين الديمقراطيّين الموحدّ والتي اقترحت ترشيح منجي الرحوي مرشَحا للانتخابات الرّئاسية. وأعربت اللجنة المركزية في بيان أصدرته أمس الاثنين عقب اجتماع دورتها 18 الذى المنعقد الأحد، تمسكها بالجبهة الشعبية إطارا سياسيا لتحقيق أهداف المسار الثوري وعزمها على المساهمة في مأسستها وتجديد هياكلها وتطوير آدائها وتكريس الديمقراطية داخل مختلف هياكلها والتداول على تسيير هيآتها القيادية. كما تمسكت بعقد الندوة الوطنية الرابعة للجبهة مؤكدة استعداد الحزب للمساهمة في انجاحها سياسيا وتنظيميا، حتى تتجاوز الجبهة هناتها و تعزز خطها النضالي الوطني الشعبي و تصلب وحدتها وتمكنها من الانتشار. وأكدت عزم الحزب على المساهمة الفعَالة في الدَفاع عن حظوظ الجبهة الشعبية، وذلك عبر تقديم مرشحين من خيرة كفاءاته ووضعهم على ذمة قائمات الجبهة في الانتخابات التشريعية، وفق نص البيان. ويبدو أنّ ترشيح الرحوي للانتخابات الرئاسية يعكس أزمة متجددة داخل الجبهة الشعبية، بسبب انفراد طرف بالرأي والقرار وتحوّل الجبهة ومكوناتها إلى بيروقراطية ثقيلة عاجزة عن التطور وعن بلورة خطاب سياسي متجدّد. وانتقد القيادي بحزب الوطد منجي الرحوي في وقت سابق أداء الناطق الرسمي باسم الجبهة حمّة الهمامي واعتبر خطابه خطابا غير تجميعي وغير قادر على الوصول الى عموم الجماهير الشعبية. وعلى عكس الصورة التي يروجها لنفسه ، يعيش الإئتلاف اليساري عدة صراعات داخلية ونزاعات بين مكوناته من جهة، وداخل هياكل الأحزاب المكونة للإئتلاف من جهة ثانية، ويعاني حزب العمال بدوره والذي يعدّ من اكبر عناصر ائتلاف الجبهة الشعبية من مشاكل داخلية بسبب ما اعتبره البعض بيروقراطية التسيير وغياب الأساليب الديمقراطية في إدارة الإختلاف صلب الحزب، وتفرد حمة الهمامي . وبرزت خلافات حزب العمال بشكل واضح في مؤتمره الخامس الذي عُقد بالحمامات في ديسمبر 2018 الماضي، حيث أصدر 146 قياديا جهويا ووطنيا بيانا أعلنوا فيه قرار مقاطعتهم لأشغال المؤتمر بسبب ما اعتبروه بيروقراطية التسيير وغياب الأساليب الديمقراطية في إدارة الإختلاف صلب الحزب. و قد عبر المؤتمرون في العريضة على إحتجاجهم مما اعتبروه التفرد بالحكم داخل الحزب وتوجهه إلى تجميد وطرد عدد من قياداته.