تونس الخضراء عرفت تاريخيا باسم قرطاج وكان يلقبونها بمطمورة روما، حيث كانت تحقق اكتفاءها واكتفاء روما من الغذاء نظرا لخصوبة أرضها وإنتاجها الغزير، غير أنّ هذه الحقائق التاريخية تبخّرت منذ عشرات السنين أو ربّما منذ قرون من الزمن لتعجز تونس عن إنتاج ما تستهلك من الغذاء وخاصة الحبوب. وفي الموسم الفلاحي الحالي، أظهرت المؤشرات الأوّلية أنّ صابة الحبوب ستكون قياسية، غير أنّ الأزمات المتتالية ساهمت بشكل لافت في تراجع ذلك الاستبشار الذي كان لدى الفلاحين بعد أن اصطدمت آمالهم بصعوبات نقل الصابة وكذلك مشاكل مع مراكز التجميع، وقبلها بموجة الحرائق. وتشهد الولايات المنتجة للحبوب على غرار الكاف وجندوبة وسليانة ضغطا كبيرا على مراكز التجميع التي لم تعد تستوعب الصابة القياسية للحبوب مما دفع عددا من الفلاحين إلى الاحتجاج وآخرها صباح اليوم الأربعاء 3 جويلية 2019 بولاية الكاف. وأرجع مسؤول بوزارة الفلاحة ذلك بالأساس إلى تعطل عملية إجلاء الصابة نحو مخازن ديوان الحبوب والمطاحن على خلفية عدم توفر العدد الكافي لشاحنات النقل التي يخير أصحابها العمل في مجالات أخرى تكون أكثر مردودية. ويشار إلى أن قوات الجيش الوطني تدخلت بعدد من الولايات المعنية للمساعدة على نقل صابة الحبوب من مراكز التجميع الى ديوان الحبوب والمطاحن. من جانبه، قال محمد رجايبية عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري مكلّف بالزراعات الكبرى في تصريح ل”الشاهد” إنّ حاجيات تونس من الحبوب حوالي 30 مليون قنطار بينما قدّرت وزارة الفلاحة أنّ تبلغ الصابة هذا العام حوالي 20 مليون قنطار. وعبّر رجايبية عن آمله أنّ تحقق تونس بين 60 و70 من الاكتفاء الذاتي مؤكّدا أنّ هذه الصابة ستساهم في تخفيض التوريد إلى النصف. وأضاف رجايبية أنّ الصابة هذا العام مهمّة جدا ولكن تشهد صعوبات في تجميعها مرتبطة بالتأمين ومراكز التجميع والتي غير قادرة على استيعاب هذه الصابة القياسية مبيّنا أن الإمكانيات متوفّرة قادرة على تخزين 9 مليون قنطار فقط. وأكّد رجايبية أنّ موسم الحصاد بلغ بين 50 و60 في المائة فيما تشير التقديرات الأوّلية فإنّه تم إلى الآن حصد 7 مليون قنطار من الحبوب. وقال رجايبية إنّ تونس تستورد حوالي 95 في المائة من القمح الليّن وذلك يعود إلى السعر المرجعي والذي لا يتجاوز 59 دينار بينما السعر المرجعي للقمح الصلب حوالي 84 دينار. وفي ما يخصّ الشعير، أكّد رجايبية أنّ الصابة كبيرة وأن الصابة في الكاف وسليانة قدّ تحقق 65 في المائة من حاجيات البلاد، مبيّنا أنّه وقع التمديد في مدّة منحة التسليم السريع من 15 إلى 20 جويلية. وكان عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري قريش بلغيث أكّد أن الاجراء الذي اتخذته وزارة التجهيز والمتعلق بتحديد سقف الحمولة للشاحنات الثقيلة “22 طن” أربك الاستعدادات للموسم الفلاحي. وأوضع بلغيث في تصريح لموقع “الشاهد” أن عملية تحويل الحبوب من مراكز التجميع الى مراكز الخزن التابعة للدولة كانت تقع عبر شركات خاصة، عن طريق شاحناتها وكانت الحمولة تصل إلى 40 طن للشاحنة الواحدة، وبالقرار الجديد والذي يحدد السقف الأعلى للحمولة عمليات التحويل تستغرق وقتا أطول مما ينعكس سلبا على الرفع من مراكز التجميع بما ان الصابة كبيرة.