منذ مرور قيس سعيد للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية واحتلاله المركز الأول بفارق مريح عن منافسه نبيل القروي، طبعت على معظم وسائل الإعلام حالةٌ من الاستنفار القصوى، حيث عملت مجموعة من الإعلاميين و”الكرونيكورات” على مهاجمة الأستاذ الجامعي، الذي خلق حالة من الصّدمة والمفاجأة لدى الوسط الإعلامي الذي دأب على تلميع مرشّحي “السيستام” وعلى مهاجمة بقية المرشحين الذين يعكسون المدّ الثوري. وشكلّ صعود قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية خبرًا غير سارّ بالنسبة للجوقة الإعلاميّة التي حاولت مهاجمته، لكنّها فوجئت، في المقابل، بالهجوم المعاكس من قبل جيشٍ من أنصار وداعمي قيس سعيد، الذين قاموا بحملة غير مسبوقة ضدّ هذه القنوات التي تحاول تشويه مرشحّهم، وتسعى في المقابل إلى الضغط على القضاء للإفراج عن نبيل القروي، المرشح القابع في السجن بتهمة تبييض الأموال وتهريبها، والساعي إلى الحصانة عبر الترشح للرئاسة. واتهم سياسيون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالضغط على القضاء للإفراج عن نبيل القروي، حيث تحدث البعض من أعضائها عن عدم سلامة المسار الانتخابي، إذا لم يتمّ الإفراج عن القروي، رغم أن الهيئة الانتخابية كانت على علمٍ مسبق بالوضع القانوني الحرج لنبيل القروي، ومع ذلك قبلت ملفّه. وفي هذا السياق، اتهم الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي “السيستام” ب”الاستنفار بكل طاقاته لدعم المترشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية نبيل القروي لضمان استمرار مصالحه وسيطرته”. وأشار الشابي في تدوينة نشرها أمس السبت على صفحته بموقع “فايسبوك” إلى أن القانون الانتخابي في تونس لم يتعرض إلى “وضعية ذوي السوابق العدلية أو الملاحقين قضائيا عند تقديم ترشحهم للانتخابات وتبعا لذلك قبلت هيئة الانتخابات ملفاتهم ولم تبد قلقها إزاء احتمال صعود هؤلاء إلى سدة الحكم”، كما أن نفس القانون “لم يتعرض في المقابل لوضعيات المترشحين من ذوي الشبهة الذين صدرت في شأنهم بطاقات إيداع في السجن قبل انطلاق حملاتهم الانتخابية”. وأكد أن “هيئة الانتخابات انبرت في هذه الحالة للمطالبة بإطلاق سراحهم (في إشارة إلى نبيل القروي) و”مارست ضغطا معلنا على القضاء عبر وسائل الإعلام لتمكين المترشح الموقوف من حقه في الدعاية الانتخابية عملا بمبدأ تكافؤ للفرص”. يشار إلى فاروق بو عسكر نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كان قد قال إن “ملف المترشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية عن حزب قلب تونس نبيل القروي سيكون في جدول اعمال المجلس باعتبار أنها الكافلة لتكافئ الفرص ومنحها الدستور مهمة الإشراف على الانتخابات بصفة شفافة ونزيهة …عدم المساواة بين المترشحين قد يشكل حرجا كبيرا للهيئة ويهدد شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها “. وأشار بو عسكر إلى أن الهيئة “تعتبر ملف القروي مسألة دقيقة في علاقة بالقيام بالحملة الانتخابية كي تقبل جميع الأطراف النتائج بما فيها القضاء ” مبرزا أن عدم حضور مترشح ثان في الحملة الانتخابية قد يسفر عن طعن في النتائج أو رفضها، معتبرا ذلك تهديدا للعملية الانتخابية والمسار الانتخابي. وأبرز أن مجلس الهيئة “قلق بشأن هذه الوضعية” وأنه سيكون له موقف أكثر صراحة في ملف القروي قبل انطلاق الحملة الانتخابية.