بحديثه عن شرعيّته المستمدّة من رئيس الجمهورية قيس سعيد وناخبيه، أثار رئيس الحكومة المكلّف بتشكيل الحكومة إلياس فخفاخ جدلاً واسعا، حيث اعتبر البعض أنّ ايمانه مطلق بشرعية رئيس الجمهورية وتجاهله لشرعية السلطة التشريعية، يعدّ تنكرّا للبرلمان وانقلابا على أصوات الناخبين من خلال تهميش دور الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، فبعد إقصاء قلب تونس من المشاورات توقع مراقبون أن يقع تحجيم حضور حركة النهضة في الحكومة القادمة من خلال منحها حقائب ثانوية وشكليّة وحرمانها من وزرات السيادة مقابل تعزيز حضور حزبي التيار الديمقراطي وتحيا تونس اللذين رشحا إلياس الفخفاخ لتشكيل الحكومة. وتحدثت بعض المصادر عن محاولات رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد فرض بعض الأسماء المقربة منه، في حين ستؤول وزارات العدل والوظيفة العمومية والإصلاح الإداري إلى التيار الديمقراطي، وهناك أيضا توجه حسب هذه المصادر لمنح حركة النهضة وزارات ثانوية غير متماشية مع نتائج الانتخابات التشريعية التي حلّت فيها أولا. ويبدو أنّ حركة النهضة استشعرت مناورات المشاورات الجديدة لتشكيل الحكومة، وبدأت التفكير مليا في إعداد سيناريو لانتخابات مبكرة، خاصة أنّ قاعدتها الانتخابية ثابتة ونجاحها في الانتخابات البلدية الجزئية في الدندان ونفزة ورقادة يؤكد جاهزية الكاملة لانتخابات تشريعية مبكرّة. وترجح بعض المصادر أن تذهب حركة النهضة نحو إعادة الانتخابات، لكن قبل ذلك سيتمّ تغيير القانون الانتخابي بكيفية تحول دون اعادة مشهد برلماني مشتت كالبرلمان الحالي وقد تتمّ إعادة احياء القانون المتعلق بتنقيح قانون الانتخابات الذي يهم أساسا الترفيع في العتبة الانتخابية من 3 بالمائة إلى 5 بالمائة. وفي هذا السياق دعا رئيس مجلس شورى حركة النهضة، عبد الكريم الهاروني في إلى “ضرورة تعديل القانون الانتخابي وخاصة العتبة الانتخابية”. وبخصوص دعوة مجلس الشورى، المكتب التنفيذي إلى التهيؤ لانتخابات سابقة لأوانها، أوضح الهاروني في ندوة صحفية عقدتها الحركة اليوم: “هذا دليل على جدية النهضة، ونحن في بداية التفاوض ولكن كل الاحتمالات واردة”. واكد ان الحركة تنتظر من رئيس الحكومة المكلف الاستجابة لطلبها الداعي لتوسيع المشاورات إلى جميع الأطراف وأن يقوم بمثل ما قام به رئيس الجمهورية الذي ذكر بأنه كان راسل كل الأحزاب والكتل والائتلافات النيابية ودعاها لتقديم مرشحيها لرئاسة الحكومة. ولفت الهاروني إلى أن النهضة ترى أن مصلحة تونس في تشكيل حكومة وحدة وطنية وفي احترام الصلاحيات الدستورية والدستور، وأن "الشرعية في البرلمان وليست في رئاسة الجمهورية”. وجدّد الهاروني الدعوة إلى عدم الخلط بين التسميات والابتعاد عن مصطلح حكومة الرئيس، فالحكومة، وفق تعبيره هي حكومة الشعب وتمر عبر البرلمان. يشار إلى أنّ الأصوات التي حصل عليها قيس سعيد تتكون من مستقلين بدرجة أولى ثم من أنصار حركة النهضة وأحزاب أخرى كان لها مرشحيها في الدور الأول من الرئاسية، ما يعني أنّ شرعية الفوز في الدور الثاني من الرئاسية موزعة على عدة أطراف ولا يمكن احتكارها.