تصاعد الجدل في الأيام القليلة الماضية في تونس حول جواز صيام شهر رمضان من عدمه هذا العام بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد. وقبل 8 أيام من دخول شهر رمضان المعظّم، تساءل الكثيرون عن حكم الصيام من عدمه، ليأتيهم الجواب من مفتي الجمهورية عثمان بطيخ الذي أحال النظر إلى الأطباء مشيرا إلى أنهم يعرفون مدى تأثير الصيام على إمكانيّة تغلّب هذا الفيروس على مناعة الجسم . واعتبر عثمان بطيخ أنّه لا يمكن أن يقدّم فتوى في هذا الشأن إلاّ حين يجتمع أهل الدين مع أهل العلم وأكّد قائلا ”الله عندما ينزل حكما من الأحكام فهذا لا يعني أنه حكم لا يتغير ولا يتماشى مع طبيعة الإنسان”. وفي ما يتعلق بالمصابين بمرضى كورونا ،قال مفتي الجمهورية من يقدر على الصوم فليصوم ومن حالته الصحية حرجة ويتناول الأدوية فهذا ليس عليه حرجا والأمر لا يستحق فتوى . في المقابل، انتقد القيادي في ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف موقف مفتي الجمهورية عثمان بطيخ وعدم استناده على مراجع دينية اثناء ظهوره في حوار تلفزي على القناة الوطنية.و قال مخلوف في تدوينة نشرها عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ، “حوار كامل مع المدعو عثمان بطيخ المحتل دون أدنى جدراة لمنصف المفتي…لم نسمع فيه استشهادا واحدا بآية كريمة أو بحديث شريف حتى لما سألته المذيعة عن حكم دفن الموتى بالكورونا في مقابر غير المسلمين أفتى لها بالحديث الفلاحي المتفق عليه “كل بلاد و ارطالها”.ولم يكن مخلوف المتحفّظ الوحديد على موقف المفتي، حيث طالب آخرون بإقالة عثمان بطيخ، وقال استاذ علم المواريث بجامعة الزيتونة الدكتور عبد الباسط قويدر إنه “أمام ضعف أداء دار الإفتاء وفوضى الفتوى والبيانات الشرعية من أهل الاختصاص ومن غيرهم أصبح من المؤكد بعث مجلس فتوى رسمي بدار الإفتاء من ذوي الاختصاص الشرعي والقانوني والطبي والاقتصادي والاجتماعي”. ودعا قويدر في تدوينة على حسابه على الفايس بوك رئيس الجمهورية إلى تفعيل الفصل 78 من الدستور مخلال إعفاء مفتي الجمهورية الحالي عثمان بطيخ. وطالب قويدر رئيس الجمهورية بتعيين “مفتيا جديدا للديار التونسية يحمل مشروعا متكاملا لصناعة الفتوى تأصيلا وتفريعا ومأسسة”. من جهة أخرى أصدر عدد من أساتذة جامعة الزيتونة أول أمس الثلاثاء بيانا وصفوه بأنّه بيانٌ شرعيّ في حكم الصّوم في ظلّ تفشّي وباء كورونا، أكدوا فيه أنّ حكم الصوم ثابت بالنص القطعي، وهو واجب على كلّ مكلّف مقيم صحيح خال من الموانع الشرعية ،وأنّ الفطر لا يجوز إلاّ لأصحاب الأعذار. وأوضحوا أنّه يجوز للمصاب بوباء كورونا الفطر في رمضان بناء على توجيهات الأطباء المباشرين لحالته، ونبّهوا في ذات البيان من الأخذ بما يشاع من أنّ الصوم يُضعف مناعة الإنسان الصحيح ممّا يهدّد بالإصابة بفيروس كورونا، معتبرين هذا القول دعوى غير صحيحة وتقديرا فاسدا واحتياطًا متوهّمًا.