يضرب المواطن التونسي موعدا يوميا مع المعاناة في وسائل النقل العمومي.. انتظار بالساعات في محطات لا تقي من برد ولا تحمي من حر.. اكتظاظ وتزاحم في سفرات الحافلات والقطارات والمترو الخفيف لمن وجد سبيلا للركوب.. أسطول متهرئ وشبابيك مهشمة وأبواب مفتوحة تفيض بالمسافرين خاصة في أوقات الذروة.. إهدار للوقت والجهد وتأخر عن مواعيد الالتحاق بالعمل أو بالدراسة. إشكاليات بالجملة لم تعرف طريقها إلى الحل رغم الدعوات المتواصلة إلى تحسين خدمات هذا القطاع الحيوي الذي أرهق مستعمليه ورغم وعود سلطات الإشراف بتفعيل مشاريع تحسن خدمات القطاع. إشكاليات النقل العمومي زمن الكورونا الإشكاليات المذكورة، على حدّتها، أصبحت مألوفة لدى التونسيين يحاولون التأقلم معها إلى حين إيجاد حلول جذرية لها. لكن انتشار فيروس كورونا المستجد بالبلاد فاقم الأزمة وعزز المخاوف من خطر التعرض للإصابة بالعدوى في وسائل النقل خاصة وأنها تستقطب أعدادا كبيرة من المسافرين يوميا ويصعب فيها تطبيق قواعد حفظ الصحة والالتزام بشروط التباعد الاجتماعي. وللتقليص من فرضية انتشار العدوى بوسائل النقل دعت سلطات الإشراف في بداية شهر مارس الفارط إلى تعقيم أسطول النقل يوميا وإلى توفير مواد التطهير والتعقيم بالمحطات وقاعات الانتظار علاوة على توفير لوازم الوقاية لأعوان الشركة حفاظا على سلامتهم من العدوى كما تم تعزيز الأسطول بعربات إضافية للتخفيف من الاكتظاظ، إلى جانب اعتماد توقيت إداري جديد وتقسيم الموظفين العموميين على توقيتين لكن الإجراءات المذكورة لم تؤتي أكلها فقد تم رصد تدافع وتزاحم غير مسبوق بوسائل النقل، ممّا استوجب دق ناقوس الخطر وإطلاق صيحة فزع لردع المواطنين عن التنقل إلا للضرورة. فهل ستمكن الإجراءات الجديدة للنقل العمومي من تلافي الاكتظاظ وهل لشركة نقل تونس الإمكانيات اللوجيستية اللازمة لتطبيق الإجراءات التي تم سنها؟ إجراءات “نقل تونس” خلال فترة الحجر الصحي الموجه أعلنت شركة نقل تونس أنها ستقلص بداية من يوم الاثنين المقبل طاقة استيعاب العربات إلى النصف وأن الرحلات المؤمّنة ستقتصر فقط على نقل حاملي التصاريح أو استمارات التصريح على الشرف بعد الاستظهار بها وجوبا قبل الصعود. وبينت الشركة أنها ستنقل 40 شخصا بالنسبة للحافلات العادية و 65 مسافرا بالنسبة للحافلات المزدوجة 120 شخصا بكلّ عربة من عربات المترو أو قطار ت.ج .م أي 240 شخصا بالسفرة الواحدة مشيرة إلى أنها ستوفر سندات نقل جديد من فئة البطاقات الأسبوعية والاشتراكات الشهرية كامل أيام الأسبوع بكافة نقاط البيع الأرضية وبالمحطات الرئيسية والفرعية تفاديا للتداول النقدي. وشددت شركة النقل على إجبارية وضع الكمامات من قبل كافة المسافرين وأعوان الشركة وعلى أنها ستقوم بتعقيم وتطهير منتظم لجميع وسائل النقل وضمان استمرار مرفق نقل نظيف وصحي. استعدادات الشركة أكد المتحدث باسم شركة نقل تونس محمد الشملي أن الشركة لديها الآليات الكفيلة بتطبيق الإجراءات التي سنتها في حال احترام المواطنين لضوابط الحجر الصحي الموجه واقتصار استعمال النقل العمومي على العاملين وحاملي التصاريح. وقال الشملي في تصريح لموقع “الشاهد” إن الشركة بإمكانها توفير رحلات للمسافرين تلتزم بقواعد التباعد الاجتماعي خاصة وأنه تم إقرار آلية العمل بالتناوب أي أن العاملين منقسمين إلى نصفين بطبعهم معتبرا أن الإشكال سيحدث في حال عدم امتثال المواطنين إلى إجراءات الحجر الصحي الموجه وتعمدهم استعمال وسائل النقل العمومي لقضاء شؤونهم أو للتنزه. وأفاد المتحدث باسم شركة “نقل تونس” بأن الشركة ستمنع أي تجاوز للإجراءات التي اتخذتها وأنها ستقوم بعملية التصفية في المحطات وخارجها بمواردها الذاتية وبالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدني التي تطوعت لمعاضدة مجهودات الشركة في مراقبة مدى الالتزام بارتداء الكمامات والتباعد الجسمي وحمل التصاريح. وجدّد محمد الشملي الدعوة إلى تجنب استعمال وسائل النقل العمومي إلا للضرورة والالتزام بقواعد الحجر الصحي الموجه مذكرا بأنه لم يتم رفع الحجر الصحي نهائيا. تجدر الإشارة إلى أن تونس تدخل بداية من يوم 4 ماي 2020 مرحلة الحجر الصحي الموجه الذي سيتيح فتح عدة قطاعات اقتصادية تتطلب استخدام وسائل النقل العمومي.