تونس – الضمير – محمد المثلوثي يبدو أنّ الدفع نحو إيجاد حلّ توافقي من أجل خروج سليم من الأزمة التي أصبحت تؤرق كلّ الأطراف في تونس وفي مقدمتها المواطن قبل السياسي، قد وجدت لها أرضية خصبة بعد الاجتماعين الأخيرين للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بكلّ من راشد الغنوشي من جهة وبالباجي قائد السبسي من جهة أخرى. الجزائر وخلال الفترة الأخيرة عملت على ما يبدو على الدفع نحو الوفاق في تونس بعد إجتماع سابق بالشيخين في عاصمة الجزائر. "المجهود الجزائري" في الفترة الأخيرة كان ترجمة حقيقية وبحث أكيد عن حلول توافقية في جارتها تونس، تجنب المنطقة الهزات السياسية والتهديدات الأمنية المتصاعدة، والتي باتت تمثل هاجسا مشتركا للبلدين. من هنا فرض البحث عن التوافق وتقريب وجهات النظر، نفسه كخيار لا بديل عنه من أجل تجنيب البلاد والعباد صعوبات وويلات لا تخدم ولن تخدم أي طرف. ما يروج من اخبار يؤكد وجود مقترحات جدية، تقدمت بها بعض الاطراف لحركة النهضة، تتمثل في اقامة حكومة وطنية، وهذا بات معلوما، يراسها قيادي من النهضة، او تراسها شخصية مستقلة على ان يكون نائب الرئيس شخصية نهضوية.. أسماء مرشحة لأول مرة ومنذ أن تمّ الإعلان عن استئناف الحوار بعد إعلان الحكومة من خلال رسالة لعريّض إلى المنظمات الراعية، تداولت وسائل الإعلام بعض الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة لكن الاختلاف ظلّ سيّدا قائما بين الفرقاء بين معارضة رافضة لاسم أحمد المستيري وحكومة متحفظة على أسماء كمال النابلي ومحمد الناصر. ويبدو ان بعض الرموز السياسية البارزة في الحوار الوطني وفي الاتصالات الجارية مؤخرا، اقترحت اسم زياد الدولاتلي القيادي البارز في الحركة لخلافة رئيس الحكومة الحالي علي العريض وهو اسم يرى البعض انه يفرض نفسه كمقترح جدّي ومرشح بارز لتولي رئاسة الحكومة بالنظر الى ما يتمتع به من روح توافقية وحوارية.. اللافت هو ان حركة النهضة لم تعلق على التسريبات التي رشحت السيد الدولاتلي، بما يعني ربما ان لها خيارات اخرى او انها تنتظر قرارا في هذا الشأن من المؤسسات، او ان ما جرى ترويجه في هذا الصدد لم يكن الا مجرد تسريبات صحفية غير صحيحة.. ومختلقة.. قرار من أجل الوفاق الوطني وفي سياق الجدل الدائر حول الحوار ووجود مسارات موازية.. حاول البعض الربط بين ما يروج في الكواليس وحتى في بعض وسائل الاعلام عن وجود اتصالات ومشاورات.. على هامش الحوار الوطني.. وبين التراجع الذي اعلنته كتلة حركة النهضة عن التعديلات في النظام الداخلي بالمجلس الوطني التأسيسي.. ورغم الانتقادات الحادة التي اثارها هذا التراجع، خاصة في صفوف مناصري حركة النهضة، وبوضع هذا القرار في إطاره يمكن أن نتبيّن رغبة الحركة في الدفع إلى الأمام بمسار التوافق في البلاد وعدم إعطاء حجة للمعارضة "للتلكؤ والمماطلة" في استئناف الحوار. وذهب البعض الى حد اعتبار التعديلات نتيجة لاجتماع الجزائر والذي شدّد فيه الرئيس بوتفليقة، حسب ما نشر في الإعلام الجزائري، على الفرقاء السياسيين في تونس بضرورة استكمال أشغال المجلس التأسيسي والحوار. وفي جميع الحالات فالقرار بالتراجع عن التعديلات لاقى ردّة فعل إيجابية يوم أول أمس الأربعاء من خلال إعلان نواب المعارضة والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات عن استعدادهم للعودة إلى نشاطهم داخل المجلس مع أوّل جلسة عامة والتي تعقد للتصويت على التراجع والتخلي عن التعديلات المدخلة على النظام الداخلي للمجلس المرفوضة رفضا باتا من قبل نواب الكتلة وهذا يعني حتما أنّ اجتماع الرئيس الجزائري بالشيخين قد بدأت ملامحه تتضح شيئا فشيئا. بين المستيري والدولاتلي يبدو اذا ان الحوار بات بين خيارين الاول يتمثل في العودة واستكمال المشاورات حول رئيس حكومة توافقي، الامر الذي يتطلب في هذه الحالة تنازلا من اطراف المعارضة حتى تقبل باحمد المستيري، بعد ان تبين ان حركة النهضة وعدد من شركائها في الحوار متمسكون به، وبعد ان فشل خصومهم في الدفع بأية حجة صلبة وحقيقية يمكن ان تبرر رفضه.. والثاني هو الدخول في سياقات وخيارات بديلة ، تكون حلا حقيقيا لتجاوز حالة انسداد الافاق التي تحاول بعض الاطراف أن تحيط بها الحوار الوطني ومن الحلول التي وقع تسريبها، هي حكومة وحدة وطنية برئاسة نهضوية. قد يكون ابرز المرشحين لها زياد الدولاتلي. او هنالك حل أخر وهو الذهاب الى التوافق على شخصية وطنية مستقلة يكون نائبها الاول نهضويا وفي انتظار ذلك يظل الحوار متوقفا، بما يفتح المجال واسعا امام المشاورات من كل الجهات، في محاولة لتجاوز الوضع الراهن الذي لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية، وهو وضع لن تقبل به لا القوى الوطنية، ولا الاقليمية ولا الدولية، لان تواصله بهذا الشكل سيكون تهديدا مباشرا لأمن المنطقة.. لذلك فان من راهنوا على الفوضى والتعطيل وعولوا على دعم دولي واقليمي لهذه الفوضى هم الان في التسلل.. بعد ان اصبح استقرار الاوضاع في تونس، مطلبا لأكثر من جهة دولية، خاصة في ظل ما يجري في مصر من فشل كبير للانقلاب، والانفلات الامني الحاصل في ليبيا، اضافة للمخاطر الناجمة عن التوترات في مالي ومنطقة الساحل والصحراء التي تشهد منذ فترة حربا واسعة على ما يسمى الارهاب الذي قرر على ما يبدو تحويل جزء من قواعد تمركزه الى هذه المنطقة.. لمحة عن المرشّح زياد الدولاتلي هو من بين أبرز قيادات حركة النهضة، حصل على دكتوراه في الصيدلة سنة 1984 من جامعة رانس بفرنسا، وخلال وجوده هناك أثناء دراسته الجامعية أوائل الثمانينات اضطلع بمهام متعددة ضمن نشاط الجالية المسلمة حيث شغل منصب رئيس اتحاد الطلبة المسلمين بفرنسا، ورئيس المركز الإسلامي برانس، وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا. كما كان عضوا مؤسسا لحركة الاتجاه الإسلامي سابقا أو حركة النهضة الآن. تمّ اعتقاله سنة 1981 من أجل حضوره للمؤتمر التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي المنعقد سنة 1978 وحوكم سنة 1987 ب 20 سنة سجنا بصفته عضو المكتب السياسي لحركة النهضة أمضى منها 11 شهرا ثم أفرج عنه. وأشرف على اللجنة المكلفة بالحوار بين حركته والسلطة سنة 1987، وكان عضو وفد حركة النهضة في كل جلسات الحوار. هذا وقد عمل بمجال الإعلام حيث شغل منصب رئيس تحرير جريدة الفجر والتي منعت من الصدور منذ 1990. كما أشرف على اللجنة العليا للانتخابات داخل حركة النهضة سنة 1989. وحوكم سنة 1991 ب 15 سنة سجنا بالمحكمة العسكرية ضمن قضية حركة النهضة باعتباره عضو المكتب التنفيذي للحركة، أمضى منها 14 سنة وأفرج عنه سنة 2004 وفق سراح شرطي. كما كان عضوا بهيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات.