بينما بالكاد يحاول الشعب التونسي التعامل مع الوضع المريب الذي وضعته فيه حركة النهضة وجبهة الإنقاذ وما اصطلح عليه بالرباعي الراعي ، وما ان بدا يتجاوز المرحلة الحرجة التي سببتها صدمة التجاوز عن إرادته التي ترجمها يوم 23 أكتوبر وشرع في امتصاصا الضربة التي تلقاها من النهضة والمعارضة والرباعي الذي استمد شرعيته في الظلام وفي ظروف مريبة ، ما ان بدا الشعب يستفيق على المستجدات ويتعامل معها كأمر واقع ويحاول التعايش مع معارضة حشدت السقيم والخبيث والمريب لابتزاز إرادته وحركة حاكمة انحنت لهذه الابتزازات ووضعت ما لا تملك فوق الطاولة ليسومه ويجسه ويدنسه من لا يستحق .. ما ان استوعب الشعب كل ذلك حتى بدأت قصة أخرى من العبث السياسي ، وبعد ان تم التجاوز على قرار الشعب في المرة الأولى بانتهاك حرمة إرادته شرع المكون السياسي في فصول أخرى من العبث تمثلت هذه المرة في استغفال الشعب واستعماله للتنابز والتجاذب واستهانوا به حتى أصبحت رسائلهم تمر عبره ، يترك احدهم مكاتب ومقرات الحوار ويخرج مسرعا ليطل على الشعب من خلال وسيلة إعلامية يلقي له بتصريحات مغلوطة وهمية تضليلية لا لشيء إلا لأنه يريد ان يبتز من بالداخل عن طريق امتهان وإذلال الشعب ، ومن هوان هذا الشعب على هكذا نخبة وضعته بينها وطبقت عليه المثل الشعبي "الكلام علي المعنى على جارتي" . الشواهد على ذلك لا تحصى ولا تعد وفي كل مناسبة يثار فيها الموضوع تتسابق الأطراف الى تحميل المسؤولية لغيرها ، لذلك حاول موقع الشاهد الوقوف هذه المرة بدقة ولاحق الجاني الذي يلّبس على الشعب أمره وسعى الى تلمس خيوط الجريمة ، واي جريمة اكبر من استغفال شعب صنع احد أعظم ثورات القرن ، الشاهد وقف عند التصريح الواضح والمباشر والفصيح للرجل الثاني في الاتحاد العام التونسي للشغل السيد بوعلي المباركي الذي قال بالحرف "لقد تم التوصل الى اجماع حول رئيس الحكومة القادم والإعلان عنه يوم الإربعاء القادم" ، مفصل الأمر ومقبضه ليس في الإعلان عن الاتفاق لان المنطق يوجب ان يُتبع كل حوار جاد باتفاق ، لكن المفارقة ان الشاهد اتصل بنائب رئيس حركة النهضة للوقوف على تفاصيل الاتفاق ففند السيد عبد الحميد الجلاصي الأمر تماما ، أجرى الشاهد بعد ذلك اتصال بشخصية قيادية أخرى في صلب هياكل الحركة ففندت بدورها تصريح السيد ألمباركي ، حاولنا العودة الى كلمة السيد الغنوشي الأخيرة فوجدناه يتحدث عن استئناف قريب للحوار الوطني ، ما يعني اننا وفي أحسن الأحوال ووفق كلام زعيم النهضة سنترقب استئناف الحوار في الأيام القليلة القادمة ثم المداولات ثم تقريب وجهات النظر ثم الاتفاق ومن ثم الإجماع والإعلان. وحتى نتبين الجهة التي تستعمل الشعب بشكل مبتذل وتحاول ان تساوم خصومها من خلال اللعب بأعصابه وأمنه ، فانه بإمكاننا القول ان موعدهم يوم الاربعاء ، اي بعد يوم الغد ، اذا تم حينها تسمية رئيس الوزراء واتفق الجميع ، فهذا يعني ان حركة النهضة كانت تقتات على تضليل الرأي العام وتعمدت ذلك ، اما اذا تحدثنا عن مواصلة الحوار ومحاولة تجميع الفرقاء من جديد فهذا يعني ان الاتحاد ومكتبه التنفيذي احترفوا الخداع وامتهنوا الكذب والى جانب اسهاماتهم الضخمة في إنهاك الاقتصاد الوطني فان تورطهم في التآمر على السلم المدني وسعيهم الى تدمير العملية السياسية يصبح في حكم المسلمات. نصرالدين السويلمي