قيس سعيد: الحوار الوطني مجرّد تهدئة وهدنة يبدو ان الامال التي علقت بعد توقيع حركة النهضة على خارطة طريق الرباعي الراعي للحوارالوطني بدات تتبدّد شيئا فشيئا بعد نحو ثلاث جلسات ترتيبية قبل الانطلاقة الفعلية في حوار رسمي بين الفرقاء السياسيين.. هذه القراءة فرضتها الخلافات الاخيرة التي رافقت الجلسات الترتيبية والإجرائية والتي شهدت خلافا حول الإشكال القانوني المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات فبتوقيع النهضة على وثيقة الرباعي تكون قد مسكت العصا من الوسط لتضمن الحفاظ على مناصريها من جهة وكسب حلفاء جدد وكسر شوكة معارضيها من ناحية اخرى من الاكيد ان حركة النهضة قد خططت جيدا ورسمت خطواتها المستقبلية قبل توقيع الوثيقة وحسبت حساباتها السياسية وقد تكون بامضائها قد قطعت الطريق امام المعارضة التي طالما وصفها قياديو الحركة بالمعارضة "الاستئصالية" وبالرغم من تردد زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي على توقيع الخارطة الا ان حساباتها السياسية كانت في محلها وبدات تاتي اكلها مع بداية الجلسات الاجرائية التي يبدو انها ستاخذ قسطا وفيرا من الوقت وهو ما سيساعد الحركة على كسب مزيد الوقت وإجهاض محاولات المعارضة تركيعها اكثر من اللازم الدفع بالحوار.. ويرجح محللون سياسيون ان قبول النهضة توقيع وثيقة الرباعي الراعي للحوار الوطني -حتى وان جاء تحت عنوان الدفع بالحوار الوطني- في واقع الامر هي خطوة حاولت من خلالها الحركة ان تبرز امام الراي العام المحلي والدولي انها حركة تقبل الحوار ومستعدة لتقديم تنازلات لما من شانه اخراج البلاد من الازمة بيان مجلس الشورى: الموقف الحقيقي.. نور الدين المباركي الاعلامي والمحلل السياسي لم تبتعد قراءته عن هذا الطرح قائلا:" ما جاء في بيان مجلس شورى الحركة يبرز وجود تباينات عميقة بين رؤية الرباعي للخروج من الازمة وبين رؤية حركة النهضة ولن يظهر هذا التباين في الجلسات الترتيبية لكن سيبرز اكثر في الانطلاقة الفعلية للحوار الوطني خاصة حول النقاط المتعلقة بالمجلس الوطني التاسيسي وبحكومة الكفاءات وسيظهر بشكل اقوى عند نهاية الحوار الوطني وكيف سيتعاطى التاسيسي مع توافقات الحوار الوطني" وعلق قائلا :"النهضة تتعامل مع التاسيسي على انه السلطة الاصلية وسيد نفسه ويبقى إشكال هل ان الحركة ستلزم نوابها في المجلس التاسيسي بتمرير التوافقات التي سيفرزها الحوار الوطني؟" اتفاق مسبق.. لم يستبعد المباركي وجود اتفاق مسبق بين النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية على ان تمضي الحركة على الوثيقة في المقابل يرفض المؤتمر التوقيع في محاولة لعرقلة الحوار وعلى المعارضة وضع حد لمناورات الحركة بمطالبتها بمزيد توضيح مواقفها وراى انه ليس الاصل في امضاء الغنوشي بل الموقف الحقيقي لحركة النهضة هو ما ورد في بيان مجلس الشورى وعي بعبء المسؤولية.. امضاء النهضة لخارطة طريق الرباعي رمت من خلاله بسهم أصابت به اكثر من هدف الاول كسر مقولة ان النهضة تريد ان تحكم بمفردها والثاني تحميل فرقائها السياسيين دورا في الازمة الحالية وذهب بلعيد اولاد عبد الله استاذ علم الاجتماع في قراءته الى ان حركة النهضة قد ادركت ان "المؤقت" قد طال وتفطنت إلى عبء المسؤولية الملقاة على عاتقها وراى ان النهضة فيها حراك اجتماعي داخلي وان كان غير معلن فهي تبقى حركة سياسية قوية..ولكن الاشكال يكمن في اختلاف رؤى قيادييها فهناك من يريد التجديد صلب الحركة وهناك طرف اخر يريد المحافظة على ما هو موروث لكن الحركة تيقنت الى انها إذا واصلت التعنت والتغريد خارج السرب فقد تجد نفسها خاسرة وقد تضيع عديد الإصوات في الانتخابات المقبلة فاختارت حلا استراتيجيا ووضعت به نوايا المعارضة على محك الحوار الوطني كما استبعد اولاد عبد الله وجود اتفاق مسبق بين المؤتمر والنهضة لانه -حسب رايه- فقد حزب رئيس الجمهورية مناصريه وتفاجات النهضة في حد ذاتها بضعف ادائه وافتقاره للصلابة وقد ارتبط ذلك بضعف الوزراء الممثلين لهذا الحزب واداء رئيس الجمهورية الحوار الهدنة.. "الحوار الوطني جاء لاجل الحوار ولن يفضي الى نتائج حقيقية يمكن ان تترجم على ارض الواقع".. هذه هي قراءة قيس سعيد استاذ القانون الدستوري الذي اعتبر ان القضية "ليست قضية حوار وطني او مواعيد ولكن تحولت الى قضية وجود لان الحوار لا يمكن ان يكون الا مجرد تهدئة او هدنة." وراى سعيد ان ما جاء في خارطة طريق الرباعي لن يؤدي الى حل للازمة السياسية الحالية لان القضية تستوجب توفر حسن النية من قبل جميع الاطراف و ما جاء في نص الوثيقة لا يمكن تجسيده الا بعد ادخال جملة من التعديلات على القانون المنظم للسلط العمومية فيما يتعلق بسحب الثقة من الحكومة وتنقيح النظام الداخلي للمجلس وهذه التعديلات تتطلب الكثير من الوقت