أثار الكتاب الصادر مؤخر عن رئاسة الجمهورية تحت عنوان «منظومة الدعاية لحكم بن علي» الذي يكشف أسماء الإعلاميين الذي تورطّوا في منظومة فساد نظام زين العابدين بن علي ضجة إعلامية كبيرة و لقي ترحيب و تفاعل كبير من الشباب الناشط على "الفيسبوك" بينما عارضه عدد كبير من الإعلاميين و الصحافيين و المثقفين و حتى السياسيين ووجه نقدا لاذعا إلى رئاسة الجمهورية وذهب بعضهم إلى التجريح في شخص الرئيس محمد المنصف المرزوقي . ويضم الكتاب 354 صفحة قدّمت جملة من الوثائق من الأرشيف الرئاسي التي تثبت تورّط عدد من الصحفيين في منظومة فساد النظام السابق. والكتاب أصدرته دائرة الإعلام، والتواصل التابعة لرئاسة الجمهورية تحت اسم «منظومة الدعاية لحكم بن علي»، وصفته وسائل إعلام تونسية ب«الكتاب الأسود» للإعلاميين المتورطين في فساد نظام الرئيس المخلوع. ويستعرض الكتاب أسماء المؤسسات الإعلامية المكتوبة والسمعية والبصرية وأسماء الصحفيين الذين تلقّوا منحًا مالية و«رشاوى» من نظام بن علي، مقابل رفع تقارير خاصة لرئاسة الجمهورية ضد المعارضين من سياسيين ونقابيين وناشطين وصحفيين. في ضل هذا الصخب و الضجيج الإعلامي تناولت الشاهد الموضوع من زاوية أخرى و هي الزاوية الأهم في اعتقادنا فهذا الكتاب ليس للفضح و التشفي و تعريت بارونات الفساد و المتمعشين من وكالة الاتصال الخارجي فقط إنما هو شهادة تاريخية رفعت الغبار عن أرشيف ضخم طالما تطلع التونسيين إلى معرفة محتواه و سبر خفاياه و معرفة المكينة القمعية و أدواته عن قرب خاصة أدوات التزويق و التجميل التي كانت اليد الطولة لنظام المخلوع داخل الوطن و حتى ادني الأرض تلاحق المعارضين و تنكل بكل الخصم دون تميز من اقصى اليسار حتى اقصى اليمين . فهل يكون هذا الكتاب وثيقة تارخية رسمية يعتمد عليها الباحثون و الاكادميون صالحة لتدون في كتب التاريخ و هل يمكن اعتمادها لكتابة فصول فترة كانت الأقسى على التونسيين و هل يمكن التشكيك فيها و في صحتها . حملنا كل هذه الأسئلة إلى الباحث و الأكاديمي في التاريخ الدكتور محمد ضيف الله فأفدنا بالتالي الكتاب الصادر عن مؤسسة الرئاسة تحت عنوان «منظومة الدعاية لحكم بن علي» هو وثيقة صادرة عن جهة رسمية أولا و الأكيد انه كتب باعتماد وثائق الأرشيف الرسمية و بذالك يكون هذا الكتاب و ثيقة تارخية رسمية يمكن الاعتماد عليها من طرف الباحثين و الاكادميين ويعوض الارشيف أن اتلف او ضاع. لا يمكن أن يشكك في صحتها لأنها اعتمدت على مراسلات و تقارير رسمية صادرة عن دوائر معتمدة و لكن يمكن طرح الأسئلة حولها من قبيل هل هذا فقط ما يحتويه الأرشيف الرئاسي و هل هناك قوائم أخرى و هل تستر الكتاب على شخصيات و مؤسسات بعينها و لم يذكرها.