تداولت بعض الصحف التونسية المعروفة بعدائها الكبير للشرعية وللكتل التي أفرزتها انتخابات المجلس التاسيسي وعلى رأسها حركة النهضة خبرا مفاده ان النهضة تفكر في تعويض الرئيس الحالي المنصف المرزوقي بالأمين العام للحركة والوزير الأول السابق حمادي الجبالي وذلك بالاعتماد على كتلتها وبعض الكتل الأخرى داخل المجلس التاسيسي ، وان كان لا يمكن الاعتماد على صدقية الخبر الذي نسبته الصحيفة الى مصادر داخل حركة النهضة فان القيادات التي فكرت او قد تفكر في هذا التمشي هي ولاشك عناصر موسادية التفكير ماسونية المنهج تبحث على تحويل حركة ذات مضامين أخلاقية نضالية الى هيكل مخشّبة واستفراغه من جميع محاسن مكوناته ثم حشوه بالقبيح المقبّح. هذه المعلومة المحفوفة بالخبث والتي لا شك يهدف زراعها الى جني أرباح في شكل تصدع بين مكونات الترويكا من جهة وبين الغنوشي والمرزوقي من جهة أخرى ، لا يمكن ان تصدنا عن التعامل مع الفرضية الأسوأ وتناول الاحتمال "المصفر" لميلاد مثل هذه الرغبات المجنونة ، التي تهدف الى تثبيت جريمة التلاعب بالثورة على الحركة وتحويل التنازلات التكتيكية التي قدمتها النهضة لمصلحة الوطن والثورة الى هزائم صارخة وانتكاسات مذلة. فرغم التذمر و التململ مازالت الأغلبية في الشارع تعتقد ان النهضة نجحت في امتصاص المؤامرة وان ما قدمته من تنازلات هو في الأخير يصب في رصيد الثورة بشكل أو بآخر ، فان لم يتسنى التقدم في تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة فلا أقل من استنهاض الجهد في المحافظة على مكاسبها ، والرأي السائد اليوم لدى المجتمع التونسي ان النهضة وامام استحالت تحقيق الاختراق القوى للثورة المضادة وثنيها على جريمتها ومن ثم المضي في تحقيق أهداف الثورة خيرت التراجع والتقوقع حول ما تم انجازه وحمايته بشتى السبل في انتظار فسحة تسمح لثورة الشعب بالنفاذ الى بقية مستحقاتها. لكن الأكيد ان اي خطوة من جانب الحركة باتجاه قصر قرطاج في هذا التوقيت القاتل ستحسب لا محالة على انها خطوة سليلة المؤامرة ، وانها ميمنة او ميسرة لثورة مضادة تحركت باتجاه الضاحية المستعصية لتطويعها وإدخالها تحت حظيرة الرباعي بحاضنته ومرضعته "الجبهة والنداء"، ولن يتردد العاقل حينها في وصف حركة النهضة بالجسم اللئيم الذي انحنى امام القراصنة وسلم لهم الجزء المهم من الشرعية ثم ذهب ينازع شرعية قائمة ليسقطها ويسترد هيبته التي سلبتها الثورة المضادة على حساب شرعية ثابتة في وجه الردة. ويبقى الحديث حول رغبة النهضة في الإقدام على مثل هذه الخطوة من قبيل الحديث عن الغول والعنقاء لان الحركة لديها مؤسساتها التي يمكنها وبسهولة معرفة خطورة حزم حقائبها من القصبة والتوجه نحو قرطاج وما يعنيه ذلك من تفنيد السائد حول تنازلات الحركة الكبيرة التي أملتها الأجندة الوطنية وتثبيت إشاعة الانتكاسة والهزيمة والاستسلام ثم الذهاب الى ابعد من ذلك بصولة شرعية كيبرة خاوية على شرعية صغيرة ثابتة لحساب سرطان الثورة المضادة وبكتيريا الدولة العميقة. فتسليم النهضة لمفاتيح قصر القصبة والحشد لطرد الرزوقي من قصر قرطاج يشبه الى حد بعيد هزيمة مجموعات "الصفر فاصل" في انتخابات اكتوبر ثم حشدها لإسقاط الشرعية والنفاذ الى مؤسسات الدولة عبر بوابات الانقلاب والمؤامرة . فالعزة كل العزة للأسود التي تخوض معاركها الشريفة في الدفاع عن حياضها وان قتلت او خرجت مكلومة مضرجة بالعاهات والجراح الغائرة ، والذل كل الذل للضباع التي تطلب السلامة في المعارك الفاصلة ثم تتسرب ليلا الى الفرائس الهامدة لتمارس عليها شئ من بطولاتها الوهمية. نصرالدين السويلمي