البعض يشكك في نواياها بين الحين والاخر كلما ارتفع صوتها دفاعا عن الحقوق والحريات فتراهم يشنون ضدّها حملات التشويه والقدح.. هي الاقرب لصوت الشباب في تونس ربما لانهم يرونها عنيدة وصلبة ومشاكسة والشوكة التي تؤرق صناع الاستبداد مهما اختلفت اشكاله والوانه وزمانه في هذ الحوار الذي جمع الشاهد مع الناشطة الحقوقية والاعلامية سهام بن سدرين تكشف فيه اين وصل مسار الثورة وتفكيك منظومة الاستبداد وماهي اسباب الازمة التي يعيشها راديو كلمة بالإضافة الي محاور اخري تكتشفونها تباعا في هذا الحوار **ما سر غياب السيدة سهام بن سدرين عن الساحة السياسية والإعلامية منذ فترة ؟ سهل للغاية ، أنا لم أتغيب ، وإنما تم تغييبي ، فالصوت المستقل ، الذي يجهر بالحقيقة يسبب قلقا، ولذا قرر البعض . أنا لم أختر الغياب ، لكن غيري هو من اختار تغييبي اسكاته . **ونحن نستعد للاحتفال بالذكرى الثالثة للثورة ، ما الذي تحقق من أهدافها ، ماهي النجاحات وماهي الإخفاقات التي شهدها المسار الثوري على مدى ثلاث سنوات؟؟ دعونا نبتدئ بالجانب الإيجابي في تقييمنا لهذا المسار ، نحن بصدد إنهاء المسار الدستوري وهذا ما أعتبره كسبا حسب رأيي الشخصي رغم أن هذا المسار قد شهد عديد التعثرات وكان بإمكاننا الانتهاء من سن الدستور في سنتين في أقصى تقدير ولكن الصراعات الحزبية والأجندات السياسية أعاقت ذلك . لكننا والحمد لله أشرفنا على الانتهاء منه . في المجلس الأعلى للحريات قمنا بدراسة حول العنف ستنشر قريبا وربطناها بالمسار الدستوري وقد لاحظنا أنه كلما تقدمنا في اتجاه تحقيق اتفاق في الدستور كلما وقعت أحداث عنف توتر الوضع وكأن هناك من لديه أجندة خفية لتوتير الأجواء ومنع تونس من تجاوز هذه المرحلة الانتقالية أما فيما يتعلق بأجندة الثورة فأنا أعتقد انها تنحصر في تفكيك المنظومة الاستبدادية وأساسا تفكيك البوليس السياسي و منظومة الفساد في القطاع القضائي اللذين يمثلان في اعتقادي الركيزتين الأساسيتين للدكتاتورية والإصلاحات المؤسساتية التي من شأنها ان تقضي على الفساد بجميع انواعه من اداري ومالي وغيره مما ييسر اطلاق طاقات الدولة والمجتمع وقوى الثورة من اجل بناء اقتصاد قوي يوفر الكرامة اللامادية لجميع المواطنين . إذا اردت ان اصدر حكما حول مدى تحقق هذه المسائل الثلاثة الاساسية استطيع ان اقول انها لم تتحقق واعتبر اننا اخفقنا ( وهذا لا يعني اننا لم نحقق شيئا ) لكن يظل ما تحقق قليلا واعتبر ان اجندة الثورة قد تم التخلي عنها من قبل جميع الحكومات التي تعاقبت على السلطة بعد الثورة **هل تعتبرين إذا ان الطرف الرئيسي المسؤول عن عدم تحقيق أهداف الثورة هي الحكومات المتعاقبة دون غيرها ؟ هناك مسؤولية تتحملها الحكومات وهناك مناخ معاد للترويكا التي حكمت عليها المعارضة بالفشل قبل ان تشرع في عملها . هناك تعطيل ممنهج قامت به المعارضة وادارت من خلالها ظهرها لأجندة الثورة. من الطبيعي ان تنتقد المعارضة اداء الحكومة وان تعترض على سياساتها ولكنه ليس من الطبيعي ان تتخلى عن أهداف الثورة بسبب الصراع ضد من يقود السلطة في البلاد . لم يكن من المفروض ان يكون هذا دور المعارضة ولا من حقها وهذا الصراع على السلطة بينها وبين الترويكا جعل البلاد رهينة واقع التنمية الجهوية والنمو الاقتصادي ووجود دولة قانون وضعفت بالتالي سلطة الدولة مما اتاح مناخا مناسبا للوبيات القديمة وللثورة المضادة حتى تتمكن من دواليب الإدارة والدولة والاقتصاد والأمن والإعلام من اجل تعطيل المسار الثوري ومنعه من إنجاز أهدافه ** باعتبارك مناضلة حقوقية ضد الدكتاتورية ما تقييمك لمنسوب الحريات في عهد الترويكا الذي يحسب على حركة النهضة إحدى واجهات الإسلام السياسي التي تتهم من قبل خصومها بانها ضد حرية المراة والحريات والتداول السلمي على السلطة ؟ وهل شكلت حركة النهضة تهديدا للحريات ببلادنا من خلال تجربتها في الحكم ؟ كيف تقيمين تجربة النهضة في الحكم من هذه الزاوية ؟ انا اعتقد ان وجود الاسلام السياسي في المشهد السياسي التونسي بشكل يوفر له شروط المشاركة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع بقية العائلات والتشكيلات السياسية والفكرية الأخرى من انجازات الثورة لان قمع هذه العائلة السياسية ومنعها من المشاركة في الحياة السياسية في عهد الدكتاتورية مثل عائقا اساسيا امام الديمقراطية في تونس الديمقراطية تعني بالضرورة توفير المناخات لكل الاطراف السياسية حتى يتحول الصراع السياسي بينها إلى صراع سلمي وحضاري عن طريق المؤسسات المنتخبة وهذا مالم تفهمه الاحزاب والتشكيلات اليسارية التي ترى انها قدمت تنازلا كبيرا بمجرد القبول بتواجد الاسلاميين في الساحة السياسية فما بالك بالقبول بنجاحهم في الانتخابات يرون انهم قدموا عطية للإسلاميين بالسماح لهم بالتعبير عن آرائهم. هذا هو منطق الاستبداد بعينه ولا علاقة له بتاتا بالديمقراطية هذه النمط من انماط التفكير موجود ايضا داخل العائلة الاسلامية التي يعتقد بعض المنتمين اليها انه لا يحق للذين يخالفونهم الراي التواجد في الساحة السياسية لازلنا حاليا في مسار انتقال نحو الديمقراطية ولم نسيطر بعد على آليات ممارسة الديمقراطية بما فيه الكفاية ** ونحن نراقب تقدم المجلس الوطني التأسيسي في التصويت على الدستور نود ان نتعرف على رايك في الفصول التي تم تمريرها الى حد الان ؟ انا اعتقد ان التجربة التي عشناها من خلال ما يدور بالمجلس الوطني التأسيسي رغم عيوبها ايجابية للغاية لأنها وفرت مساحة لممارسة الصراع السياسي بشكل حضاري وانا سعيدة جدا بدستورنا لأنني أجده معبرا عن اتفاقات تجمع كل التونسيين والذين يرفعون اصواتهم اليوم معلنين عن عدم رضاهم عن الدستور لأنه لا يعبر فصلا فصلا وبكل دقة عن افكارهم أعتبرهم حاملين لأفكار استبدادية لا علاقة لها بالديمقراطية التي تفترض ان يعبر الدستور عن كل التونسيين ولا يشعر جزء منهم بانه قد تمت صياغته على حسابهم باستقواء اطراف على اطراف الدستور هو عقد سياسي بين جميع الأطراف المكونة للمجتمع ، ويجب بالتالي ان تتوافق عليه جميع هذه الاطراف أرى ان تونس قد نجحت في تجاوز خلافاتها والحد من منسوب الانانية السياسية وقبول بعضنا ببعض الدستور ليس سوى اللبنة الاولى على درب الديمقراطية الحقيقية وانا سعيدة لان الحريات فيه محفوظة وان المرأة قد وجدت اعترافا بمساواتها مع الرجل بإمكاننا ان نحلم بدستور افضل لكن دستور هذه المرحلة لا يمكن ان يحقق جميع احلامنا وطموحاتنا دفعة واحدة . سيأتي يوم نطور فيه دستورنا وقد نتفطن لنقائص يمكن اضافتها به . فصول الدستور اذا تحدثنا عنها فصلا فصلا قد نجد فيها ما لا يرضينا لكنه لا يجب علينا ان نطالب بان نرضي انانيتنا ونغيرها حتى ترضينا على حساب بقية التونسيين . **الى اين انتهى وضع راديو كلمة ؟ وماهي اسباب الازمة التي يعيشها ؟ حتى لا اطيل في هذا الموضوع المتشعب أقول انه وقع اسكات هذا الصوت الذي كان يمثل التجربة الوحيدة الاذاعية الثورية والمناهضة للدكتاتورية . اليوم بعد ثلاث سنوات من الثورة وقع اسكات هذا الصوت كلمة ضحية الاستقطاب الثنائي . كلمة ضحية التناحر السياسي الذي لا يقبل الصوت المستقل هم يريدون اصواتا واعلاما منحازا للأطراف السياسية أعتبر اننا نمر بنكسة اعلامية واذا كنا قد حققنا مكسبا من خلال صوغ الدستور فان اعلامنا مازال غير حر وغير مهني وليس في مستوى تحديات الثورة كلمة تم خنقها من حيث الموارد الاشهارية ولم تنل مليما واحدا منذ انطلاق بثها الى يوم انقطاعه . في حين تم إسناد الاشهار العمومي والخاص لوسائل إعلام أداؤها لا يرتقي إلى مستوى أداء كلمة السبب الثاني الذي ساهم في خنق كلمة هو خنق موجتها من طرف الديوان الوطني للإرسال وهو مؤسسة عمومية كان من المفروض أن تقدم نفس الظروف للإذاعات التي تدفع نفس المعاليم للدولة والتي تقدر بمائة ألف دينار في كل ثلاثية بالإضافة إلى اننا تفطنا منذ الشهر الثاني من بثنا بأن صوتنا لا يصل الى جميع مناطق تونس الكبرى على الرغم من اننا كنا سابقا ننتظر ان يسمح لنا بالبث في كامل مناطق الجمهورية. وعلى اثر تشخيص فني مختص اثبتنا ان الديوان لا يقدم لنا بثا وفقا لعقودنا معه وقدمنا على اساسه قضية عدلية أثبت القضاء من خلالها ان راديو كلمة قد تعرض لتعطيل مقصود من طرف الديوان كل هذا أثر في نسق عملنا وجعل ترتيبنا من خلال ما تنشره وكالات سبر الآراء سيئا هذا الخنق الممنهج اثر على وجودنا القانوني وجعل البنك يقطع عنا بشكل مفاجئ التسهيلات التي كانت تمكننا من خلاص الأجور. المساهم الرئيسي في اذاعة كلمة انسحب ولعب دورا رئيسيا في اسكات هذا الصوت ملف راديو كلمة الآن بين ايدي القضاء وقد اقترحنا عليه مخططا لإنقاذ اذاعتنا ونحن ننتظر الحكم القضائي الذي سيساعدنا على انقاذه او اسكاته نهائيا . **ماهو انطباعك الشخصي حول تراس شفيق صرصار لهيئة الانتخابات ؟ تقبلت اختيار شفيق صرصار رئيسا لهيئة الانتخابات بكل ارتياح لأن الرجل معروف باستقلاليته الفعلية ونزاهته التي لا يرقى اليها شك بالإضافة الى انه من افضل الخبراء في القانون الدستوري ببلادنا **ختاما ماهو الموقع السياسي او الحقوقي الذي يمكن ان نجد فيه سهام بن سدرين في الفترة القادمة ؟ أرى نفسي قادرة على لعب دور الوساطة وفي موقع الشخصية التي يمكن يحتكم اليها السياسيون لحل خلافاتهم كما انني انوي الترشح لهيئة العدالة الانتقالية حتى اساهم في رفع مظالم الماضي وكشف الحقيقة وانصاف المظلومين ولن اسكت مادام الاستبداد موجودا. واعلم انني اخيف الكثيرين بمصداقيتي وعدم ترددي في كشف المستور .