1- تحيةٌ كبيرةٌ, وإجلالٌ عميقٌ, أقدمها, خالصةً مِن أعماق قلبي وعقلي, للأستاذ الكبير/ راشد الغنوشي, وحزب النهضة التونسي, على ما قام به مؤخراً مِن جهودٍ مُضنيةٍ لإنقاذٍ المسار الديمقراطي التونسي, ومِن تقديمه لتنازلات كبيرة مِن أجل حفظِ كرامة تونس والتونسيين, ومِن أجل رعاية مسار الحرية والاستقلال = فلتذهب مقاعد الحُكم إلى الجحيم في سبيل حفظ مُنجزات التحرر والثورة, بلا عودةٍ للفلول, وبلا عبث ولا تدخل أمني عسكري بوليسي قمعي دموي وحشي .. حفظ الله تونس, وثَبَّتَها وثَبَّتَ أبناءَها على طريق الحرية والاستقلال, طريقِ الكرامة والعزة والرفعة, وأنعمَ عليها بإتمام طريقها .. 2- تأمل ما خَطَّته يَمينُ راشدٍ الغنوشيِّ أمس : "في أوج الاستقطاب الأيديولوجي والصراعات المحمومة متعددة الأبعاد تدخلت في بداية السنة قوى الإرهاب على الخط، موجهة ضربات موجعة للمسار الديمقراطي ، كادت تودي به ، فكان اغتيال أول ، في بداية السنة، أطاح بأول حكومة أفرزتها اول انتخابات تعددية نزيهة في تاريخ البلاد ، ولم يجد الثلاثي الحاكم أمام هذا الزلزال سبيلا لاستعادة قدر من التوازن إلا ان يتخلى عن جزء من سلطاته لصالح مستقلين، فهدأت الأوضاع نسبيا إلى حين، وانطلق حوار وطني في محاولة جادة جمعت معظم الطيف السياسي في مسعى للتوصل إلى توافقات حول اهم المعضلات التي يحتدم حولها الخلاف ، غير انه ما ان انطلق المسار التأسيسي ماضيا قدما نحو استكمال سن الدستور وتكوين الهيئة الانتخابية يحدو الجميع عزمٌ على الفراغ من كل الأعمال التأسيسية لإجراء الانتخابات في أواخر الصيف حتى ضرب المتربصون بالمسار الديمقراطي في القلب، إذ أقدموا على اغتيال زعيم سياسي آخر أواخر شهر سبعة زاجّين بالبلاد في أتون فتنة كادت تُطيح بالمركبة جملة إذ تنادت أصوات معارضة مؤثرة بشطب المسار كله بإلغاء انتخابات 23 أكتوبر وما انبثق عنها من مؤسسات المجلس والحكومة والرئاسة . ولقد بادرت احزاب المعارضة في خطها العريض بالانسحاب من المجلس مشترطين عودتهم باستقالة الحكومة ، ورغم انهم يمثلون اقل من ثلث النواب ، بما يمكن للمجلس ان يواصل عمله التشريعي وحتى الدستوري من دونهم ، الا ان ذلك كان سيجعلنا امام دستور لا يمثل كل التونسيين بل جزءًا منهم حتى وإن كان أغلبيا وسيقسم المجتمع تقسيما ايدولوجيا ، النهضة وحلفاؤها حريصون على استبعاده ، ولذلك قبلنا ان ندفع ثمنا غاليا هو التخلي عن حكومة منتخبة مدعومة باغلبية برلمانية وبشارع هو الاوسع من اجل ما هو اثمن واهم : وضع تونس الحبيبة على طريق الديمقراطية ، بدستور لكل التونسيين وهيئة انتخابية مستقلة وانتخابات فوق الطعن لانها ستجري برعاية حكومة محايدة ، يزيد ذلك إلحاحا ان الإرهاب واصل مخططاته الانقلابية مُقْدِما على مواجهات مع أجهزة الأمن والجيش في عمليات تنكيل وترهيب غاية في السفالة والبشاعة ، واغرب ما في هذا المشهد المؤلم رمي النهضة بالتواطؤ مع الإرهاب وهو الذي أطاح بحكومتيها.وكاد يأتي على البنيان من أساسه لولا فضل الله وحكمة شعبنا وبسالة جندنا وامننا. وفي هذه الأجواء الملتهبة أقدمت أربع من منظمات للمجتمع المدني بقيادة اتحاد الشغل ومعه اتحاد الصناعة والتجارة وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان على طرح مبادرة إنقاذ وطني تضمنت خريطة تتمثل في استبدال حكومة الترويكا بحكومة محايدة تقود البلاد إلى انتخابات خلال ستة اشهر لا ينافِسُ وزراؤها في الانتخابات ، أما المجلس التأسيسي فيستأنف عمله في استكمال الأعمال التأسيسية. ورغم ان الثمن المطلوب منا في حكومة الترويكا وبالخصوص النهضة كان ثقيلا : مطلوب من الحزب الأكبر في البلاد والشريك الأكبر في الحكم ان يتخلى عن حكومته المنتخبة ، بينما يحافظ شريكاه على موقعهما ، فإن النهضة تحاملت على نفسها وقبلت التوقيع على المبادرة من اجل إنقاذ مسار ديمقراطي يترنح خاصة بأثر الزلزال المصري وما يتخبط فيه الإقليم من فتن وما يجول فيه من إرهاب وسلاح ، لان إنقاذ النموذج التونسي للتحول الديمقراطي هدفٌ يعلو كل حساب حزبي أو فئوي . ورغم غلبة الهواجس والظنون ومشاعر الضيم والخوف من المستقبل وسط النهضويين ، الخوف من الوقوع ضحية كيد وتآمر علينا، فقد انتصرت الأفكار الإيجابية والرؤية المقاصدية (أوليست "مقاصد الشريعة "منتوجا تونسيا ؟) المقصد الأعظم من موقعنا من السلطة : ان ننقذ بلادنا ، ان ننقذ نموذجنا التونسي في الانتقال الديمقراطي، بما يستوعب كل المكونات الوطنية على اختلاف توجهاتها العلمانية والاسلامية السلمية، بما يقطع الطريق على كل ضروب العنف والارهاب أو عودة الدكتاتورية المتربصة بالثورة