لا أحد ينكر ان حركة النهضة وخاصة قيادتها المضيقة التي تباشر العمل على مجمل المسارات ، تواجه منذ مدة عملية معقدة وتبحث عن فك الارتباط بين خماسي خطير قرر إما إقصاء منظومة 23 اكتوبر وشطب مصطلح الثورة واستبداله بكلمة تغيير الحكم ،او بث حالة من الرعب في البلاد وقيادة المجتمع الى الاقتتال الداخلي ، الكل يعرف ان نواة الحركة أخذت على عاتقها التصدي الى الانقلاب بإغراق حججه وتجفيف منابع التوتر التي يغذي منها الاحتقان ويجهز من خلالها جيوش الانقضاض . كلن ومع كل ذلك لا يمكن بسط الأعذار الى ما لا نهاية له للمجموعة النهضوية التي تدير الحوار وتحاول منذ مدة الحيلولة دون خلوة طويلة بين التجمع العائد وأموال الخليج ومكينة اتحاد الشغل واللوبي الفرنسي وتسعى جاهدة الى خلخلة الطبخة الخطيرة التي تستهدف تونس وثورتها ، وان تكن هذه المجموعة النهضاوية تفرغت لمتابعة الجبهة الشعبية ومحاولة استرضائها واستمالتها بالتنازلات حتى لا تثقب البراميل وتلقي بعود الكبريت وتمارس هوايتها المفضلة في الحرق والخراب والتدمير، وان تكن النهضة قد قدمت التنازلات المؤلمة من أجل الوطن ، فان العديد من جنس هذه التنازلات لما طال عليها الأمد وأطنبت وقعت في السقوط القاتل. هذه المجموعة النهضاوية التي تقود الإنقاذ ، والتي هي اقرب الى خلية أزمة ولدتها المؤامرة على البلاد واقتضتها مصلحة الثورة ، لا يمكن لها ان تتقدم في ميدان التنازلات اكثر من الذي فعلته ، ولن يكون بمقدور الثورة ان تلتمس لها الأعذار، مثلما لن يكون بمقدور أبناء النهضة التسامح في الذهاب الى ابعد مما ذهبت اليه الخلية التي تشرف على الحوار وتقرر تقديم التنازلات كما وكيفا ، فجميع المؤشرات تؤكد ان النهضة صعدت بمستوى تنازلاتها الى ما بعد الخط الأحمر ، فالصورة اليوم تشارفت على مجموعة تعطي 51% من مصلحة الوطن لتحافظ على 49% ، لهذا على خبراء الحساب داخل جهاز النهضة ان يتفطنوا الى ذلك ويشعروا صناع القرار فيها. وحتى التلويح بالاستقالات المتتابعة وان كان جلها ياتي في إطار الضغط العالي فان تطورها من الاستقالات الضاغطة الى استقالات قاطعة غير مستبعد في ظل سياسة التقرب الكلي الى أدوات الجريمة لترويضها واتقاء شرها ، مقابل العزوف عن أصل الجسم والأصوات المنبعثة من الداخل وحالة الاختناق التي يعانيها أمناء الثورة ، في حين يتواصل الانتعاش الذي تتمتع به خلايا الانقلاب . لقد استدار جهاز الحركة كليا الى الثورة المضادة وأعطاها عصارة اهتمامه واستنفر جميع قواه في رصد تحركاتها المشبوهة ، وبالغ في تجاهل خاصرته وأطنب بل أسرف هذا الجهاز في التعويل على التفهم الأسطوري لقواعده والتعقل اللامحدود لأنصار الثورة. نصرالدين